الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

تكره زوجها وتسأل هل له أو لأبيها أن يجبرها على البقاء معه , وما حقوقه عليها حال نفورها منه ؟

السؤال

هل يحق لأبي وزوجي أن يجبراني علي البقاء متزوجة من رجل لا أريده بالرغم من إخباري لهما بأنني أريد الطلاق ؟ ومن يتحمل المسؤولية إن وقعت في الحرام بسبب بقائي مع هذا الزوج ؟ وهل يجوز للمرأة إذا دعاها زوجها للفراش أن تمتنع لإنها لا تقبل به زوجاً ، ولو رضيت بذلك فإنها ستعاني جسدياً ونفسياً بسبب ذلك ؟ ومن يتحمل مسؤولية ما تمر به هذه الزوجة ؟ وما حكم عدم إطاعة الزوج في هذه الحالة ؟ وكيف ينبغي لي التعامل مع زوجي الذي أنا مجبرة على العيش معه ؟ هل يجوز لي أن أدعو الله عز وجل أن يخلصني من زوجي ، وأن يرزقني شخصاً أفضل منه بسبب ما عانيته وأطفالي معه منذ 9 سنوات ؟ وهل يجوز أن أدعو الله إن أدخلني الجنة أن لا يجعلني مع زوجي الحالي ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
إذا كرهت المرأة أخلاق زوجها ، كاتصافه مثلا بالشدة والحدة وسرعة الغضب ، أو كرهت خِلقته ، كعيب أو دمامة أو نقص في حواسه ، أو استحكمت النفرة بينهما ، ولم تقدر على عشرته بالمعروف : فلها طلب الخلع منه , وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (1859).
ثانيا:
لا يحق للأب أن يجبر ابنته على البقاء مع زوج لا تريده , ولا يجوز للزوج – على الأظهر– أن يمتنع عن الخلع , فإذا امتنع : جاز للسلطان إجباره عليه , وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم : (152402).
ثالثا :
لا يجوز للمرأة ما دامت زوجة : أن تمتنع عن فراش زوجها ولو كانت كارهة له ؛ لأن تمكينه من نفسها ثابت له بحق الشرع الحنيف , فلا يجوز لها أن تمتنع من ذلك . ولكن إن كرهته ونفرت من العلاقة الزوجية معه ، فقد جعل لها الشرع من ذلك مخرجا كريما بالخلع ، فلتسارع إلى الاختلاع منه ، ويراجع حكم امتناع المرأة عن فراش زوجها إذا كانت كارهة لبعض أفعاله في الفتوى رقم : (118326) ، وكذلك لا يجوز لها ما دامت زوجة أن تمتنع عن طاعته في المعروف ؛ لأن ذلك أيضا من حقوقه عليها , وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم : (10680) .
رابعا:
يجوز لك الدعاء على زوجك الذي ظلمك أن يبدلك الله خيرا منه , وقد سبق حكم الدعاء على الزوج في الفتوى رقم : (139410) ، ولكن الأولى والأفضل : الدعاء له بالهداية والتوفيق وصلاح الحال .
خامسا :
أما بخصوص أمور الآخرة وما بعد دخول الجنة فلا تنشغلي بها , فإنك إن بقيت زوجة له حتى الممات ، ومنَّ الله سبحانه عليكما بدخول الجنة ، فإن الجنة لا غلَّ فيها ولا تباغض , فهو سبحانه ينزع من صدور أهل الجنة الغل والتباغض , قال سبحانه : ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ )الأعراف/ 43 .
جاء في " تفسير البغوي " (3 / 229): " (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) مِنْ غِشٍّ وَعَدَاوَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، فَجَعَلْنَاهُمْ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ، لَا يَحْسُدُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى شَيْءٍ خَصَّ اللَّهُ بِهِ بَعْضَهُمْ " انتهى .
سادسا :
بغض الزوج والنفور منه : لا يسوغ للزوجة تعدي حدود الله سبحانه ، ولا الوقوع في الحرام ؛ فإن فعلت : فإثمها عليها ، قال تعالى : ( وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا )الأنعام/ 164 , جاء في " تفسير القرطبي " (7 / 156) : " أَيْ لَا يُؤْخَذُ بِمَا أَتَتْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ ، وَرَكِبَتْ مِنَ الْخَطِيئَةِ سِوَاهَا " انتهى ، وفي " تفسير الألوسي " (4 / 312) : " إن ما كسبته كل نفس من الخطايا محمول عليها ، لا على غيرها " انتهى .
لكن : عليك ألا تصلي بنفسك إلى تلك الحال ؛ بل متى عجزت عن البقاء معه ، والوفاء له بحقه ، فخالعيه ، ولا تبقي معه ، ووسطي أهل الخير من العقلاء الحكماء ، لإنفاذ ذلك ، ولا حرج عليك في أن ترفعي أمرك للقضاء ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) النساء/130 .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب