الحمد لله.
الحديث الذي أشرت إليه في سؤالك قد رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا : " أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ ( أي رأى صورتها في قطعة من حرير أو رآها في ثوب من حرير ) وَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَاكْشِفْ عَنْهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ " . صحيح البخاري 3606
وقد ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى في شرح الحديث أنّ هذه الرؤيا كانت بعد البعثة فهي رؤيا وحي لها تعبير ، ( وتعبيرها هو وقوعها بعد ذلك بزواجه صلى الله عليه وسلم منها ) .
وظاهر قوله " فإذا هي أنت " مشعر بأنه كان قد رآها وعرفها قبل ذلك . انظر فتح الباري .
وليس في الحديث ما يدلّ على أنّ زواجه صلى الله عليه وسلم حصل بتلك الرؤيا بل إنّه صلى الله عليه وسلم خطبها من أبيها كما تُخطب النّساء وزوّجه إياها أبو بكر الزّواج المعتاد كما يدلّ عليه الحديث الآتي : عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ عَائِشَةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا أَنَا أَخُوكَ فَقَالَ أَنْتَ أَخِي فِي دِينِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَهِيَ لِي حَلالٌ رواه البخاري 4691
قال ابن حجر رحمه الله في الشّرح : وروى ابن أبي عاصم من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل خولة بنت حكيم إلى أبي بكر يخطب عائشة , فقال لها أبو بكر : وهل تصلح له ؟ إنما هي بنت أخيه , فرجعت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لها : ارجعي فقولي له أنت أخي في الإسلام وابنتك تصلح لي , فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له فقال : ادعي رسول الله صلى الله عليه وسلم , فجاء فأنكحه "
.. وقوله صلى الله عليه وسلم في الجواب " أنت أخي في دين الله وكتابه " إشارة إلى قوله تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ) ونحو ذلك , .. وقوله " وهي لي حلال " معناه وهي مع كونها بنت أخي يحل لي نكاحها لأن الأخوة المانعة من ذلك أخوة النسب والرضاع لا أخوة الدين . انتهى
أما المرأة التي تزوّجها النبي صلى الله عليه وسلم بعقد عُقد في السّماء من الله تعالى ولم يجر على طريقة عقود الزّواج المعتادة فهو زواجه صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها كما دلّ عليه حديث أنس رضي الله عنه قال : كَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ البخاري 6870
فليس غير زينب من زوجاته صلى الله عليه وسلم التي تزوّجت بتلك الطّريقة الخاصّة ، فنرجع في زواج عائشة إلى الجواب المتقدّم في السّؤال المذكور من قبل ، وجزاك الله خيرا يا أخي على سؤالك هذا ، والله تعالى أعلم .
تعليق