الحمد لله.
كانت تلبية الرسول صلى الله عليه : ( لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ ، لاَ شَرِيكَ لَكَ ، لاَ يَزِيدُ عَلَى هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ ) رواه البخاري (5915) ، ومسلم (1184) .
وورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا أنه كان يقول في تلبيته : ( لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ ) رواه أحمد (2/341) ، وصححه الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” (2146).
وقد ورد عن بعض الصحابة الزيادة على هذه الصيغة .
قال نافع : ” وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَزِيدُ فِيهَا : لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ ” رواه مسلم (1184) .
وروى ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (4/283) عن المسور بن مخرمة قال : ” كانت تلبية عمر : لبيك اللهم لبيك , لبيك لا شريك لك لبيك , إن الحمد والنعمة لك والملك , لا شريك لك ، لبيك مرغوبا أو مرهوبا , لبيك ذا النعماء والفضل الحسن ” .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقر الصحابة رضي الله عنهم على تلك الزيادات ولم ينكرها عليهم مما يدل على جوازها .
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ عن النبي صلى الله عليه وسلم : ” فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ ، لَا شَرِيكَ لَكَ ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ ” رواه مسلم (1218) .
فمن مجموع هذه الأحاديث يؤخذ أن الأفضل للحاج والمعتمر أن يلزم تلبية الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن زاد عليها بعض الألفاظ كالتي وردت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أو غيرها فهو جائز .
قال الإمام الشافعي رحمه الله – بعد أن أورد صيغة تلبية الرسول صلى الله عليه وسلم :
” وهي التي أحب أن تكون تلبية المحرم ، لا يقصر عنها ، ولا يجاوزها , إلا أن يدخل ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم – وهي ( لبيك إله الحق ) – فإنه مثلها في المعنى ، لأنها تلبية ، والتلبية إجابة ، فأبان أنه أجاب إله الحق بلبيك أولا وآخرا .
ولا يُضَيَّق على أحد في مثل ما قال ابن عمر ولا غيره من تعظيم الله تعالى ، ودعائه ، مع التلبية ، غير أن الاختيار عندي أن يفرد ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من التلبية ولا يصل بها شيئا ، إلا ما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويعظم الله تعالى ويدعوه بعد قطع التلبية ” انتهى باختصار من ” الأم ” (2/169-170) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه لله : ” مسألة : هل لنا أن نزيد على ما ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من التلبية التي رواها جابر رضي الله عنه ؟
نقول : نعم ، فقد روى الإمام أحمد في المسند : أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: ( لبيك إله الحق ) ، و إله الحق من إضافة الموصوف إلى صفته، أي: لبيك أنت الإله الحق.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يزيد: ( لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والرغباء إليك والعمل).
فلو زاد الإنسان مثل هذه الكلمات ، فنرجو ألا يكون به بأس ، اقتداء بعبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، لكن الأولى ملازمة ما ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ” .
انتهى من ” الشرح الممتع ” (7/111) .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
” الزيادة عليها – أي على التلبية النبوية – جائزة ، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يسمع أصحابه يزيدون ولا يغير عليهم ولا ينكر عليهم ، فمنها :
( لبيك وسعديك ، والخير بيديك ، والشر ليس إليك ، نحن عبادك الوافدون إليك ، الراغبون فيما لديك ) .
وكذلك قوله : ( لبيك والرغباء إليك والعمل )
أو : ( لبيك إن العيش عيش الآخرة )
أو : ( لبيك حقاً حقاً تعبداً ورقاً )
وكل هذا جائز ؛ وذلك لأن فيه تعهداً من العبد بهذه الأعمال ، وكذلك التزام بذلك ، وكذلك أيضاً فيه وصف لله سبحانه وتعالى بما هو أهله من هذه الصفات ؛ لأنه منه الخير ، وإليه الخير ، ومنه العطاء ، وأن الشر ليس إليه ، فإذا التزم الإنسان بمثل هذه رجي إن شاء الله أن تتقبل أنساكه وعباداته ، وأن يحفظه الله تعالى في بقية حياته ” انتهى من ” شرح عمدة الأحكام ” .
والله أعلم .
تعليق