الحمد لله.
أولا :
قد يشعر المصلي بخروج ريح منه أثناء صلاته ، وقد أمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يخرج من صلاته حتى يتيقن أنه أحدث .
روى البخاري (137) مسلم (361) أنه شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ . قَالَ : (لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا) .
والمراد بذلك أنه يتيقن خروج الريح .
قال النووي رحمه الله :
"مَعْنَاهُ : يَعْلَم وُجُود أَحَدهمَا ، وَلَا يُشْتَرَط السَّمَاع وَالشَّمّ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ... وَلَا فَرْق فِي الشَّكّ بَيْن أَنْ يَسْتَوِي الِاحْتِمَالَانِ فِي وُقُوع الْحَدَث وَعَدَمه , أَوْ يَتَرَجَّح أَحَدهمَا , أَوْ يَغْلِب عَلَى ظَنّه , فَلَا وُضُوء عَلَيْهِ بِكُلِّ حَال" انتهى.
فإذا تيقن المصلي خروج الريح وجب عليه الخروج من الصلاة وإعادة الوضوء والصلاة .
أما إذا كان ذلك الشعور لم يصل إلى درجة اليقين ، سواء قوي الشك أو ضعف فإنه يتم صلاته ولا شيء عليه .
ثانيا :
يحرص الشيطان على إشغال المسلم عن صلاته بالوسواس والأفكار التي يجلبها عليه وهو في الصلاة ، ومن هذه الوساوس ما يتعلق بالطهارة ، حتى يبقى المصلي مشغولا بطهارته هل أحدث أم لا ؟ فينصرف من الصلاة وهو لم يتدبر شيئا منها .
فعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ, فَيَنْفُخُ فِي مَقْعَدَتِهِ فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ, وَلَمْ يُحْدِثْ, فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا) أَخْرَجَهُ اَلْبَزَّار. ويؤخذ من كلام الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/128) أن إسناده قوي .
قال الصنعاني في "سبل السلام" (1/112) : وَالْحَدِيثُ إعْلَانٌ مِنْ الشَّارِعِ بِتَسْلِيطِ الشَّيْطَانِ عَلَى الْعِبَادِ ، حَتَّى فِي أَشْرَفِ الْعِبَادَاتِ ، لِيُفْسِدَهَا عَلَيْهِمْ ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُمْ ذَلِكَ ، وَلَا يَخْرُجُونَ عَنْ الطَّهَارَةِ إلَّا بِيَقِينٍ ...
(وَهَذا الْحدِيثُ : دَالٌّ عَلَى حِرْصِ الشَّيْطَانِ عَلَى إفْسَادِ عِبَادَةِ بَنِي آدَمَ خُصُوصًا الصَّلَاةُ ؛ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ؛ وَأَنَّهُ لَا يَأْتِيهِمْ غَالِبًا إلَّا مِنْ بَابِ التَّشْكِيكِ فِي الطَّهَارَةِ ، تَارَةً بِالْقَوْلِ ؛ وَتَارَةً بِالْفِعْلِ ، وَمِنْ هُنَا تَعْرِفُ أَنَّ أَهْلَ الْوَسْوَاسِ فِي الطَّهَارَاتِ امْتَثَلُوا مَا فَعَلَهُ وَقَالَهُ" انتهى .
وفقك الله تعالى .
والله أعلم
تعليق