الحمد لله.
أولا:
ما فعلته من أخذ راتبك كاملا من هذه العيادة مع تقصيرك في العمل ، وتغيبك عنه أحيانا أمر محرم ، وهو من أكل أموال الناس بالباطل ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) النساء/29 ، ولا يحق لك من هذا الراتب إلا ما يقابل العمل الذي قمت به فعلاً ، أما ما قصرت فيه فيجب رد ما يقابله من الراتب إلى صاحب العمل أو إلى الإدارة .
ولا يجوز لك الانتفاع به ولا إنفاقه على أطفالك وأقاربك ولا التصدق به ، لأن صاحبه معلوم فيجب رده إلى صاحبه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ) رواه الطبراني عن أبي بكر ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (4519) .
ثانيا:
المال الذي يتركه المريض للطبيب لا يجوز للطبيب أخذه إلا إذا كانت العيادة ملكا خاصا به ، أما إذا كان الطبيب يعمل في عيادة لا يملكها ، فعليه أن يرد هذا المال إلى إدارة العيادة ، لأنه يأخذ حقه من الإدارة ، إما براتب ثابت ، وإما بنسبة متفق عليها من قيمة الكشف الطبي.
وإذا كان صاحب العمل أو الإدارة يعلم بهذا التصرف ولا يمانع منه ، فيجوز لك حينئذ أن تأخذ هذا المال لك .
ثالثا:
أما بذل مال للطبيب المسؤول في العيادة مقابل فتح مكتب لك ، فهذا يختلف حكمه باختلاف الحال ، فإن كان هذا بطريق مشروع بأن يقع بعلم إدارة هذه العيادات وإذنها ، وكان هذا المال سيذهب إليها فلا حرج في ذلك ، أما إن كنت ستدفع هذا المال للطبيب المسؤول دون علم الإدارة ، وكان سيأخذ هذا المال له مقابل تسهيلات يبذلها لك مستغلا صلاحياته ونفوذه ، فهذا لا يجوز لأن هذا المال يكون رشوة ، لأنك تدفعه لتأخذ شيئا ليس من حقك ، وقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي – كما سبق بيانه في جواب الفتوى رقم : (194653) .
والله أعلم.
تعليق