الحمد لله.
أولا :
صاحبة الدين والعقل ينبغي أن تقيس الأمور بميزان الشرع والعقل لا بميزان العاطفة ،
فإن الزواج ليس متعة ساعة ، بل حياة ممتدة ، وأسرة ، وبيت ، وأولاد ، وإذا لم يكن
الزوج أهلا لذلك لم تجن المرأة غير التعاسة والشقاء .
كما يحسن بالمرأة المسلمة ألا تركن إلى وساوس الشيطان وتظن أنه لا يمكنها الزواج
إلا بإنسان معين تعلقت به ، فإن هذا من الأوهام والأباطيل التي يبثها الشيطان في
بعض النفوس ، ليوقعها في اليأس ، أو يحملها على ارتكاب الحرام .
ثانيا:
المسلم والمسلمة مأموران بغض أبصارهما عما حرَّم الله عليهما ، قال الله تعالى : (
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ
ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/30 ، وقال
تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ
فُرُوجَهُنَّ... ) النور/31
ولله سبحانه من وراء هذا التوجيه الحكمة البالغة ، فإنه سبحانه رحيم بعباده روؤف
بهم ، فجاء شرعه بما يرفع عنهم العنت والمشقة وأسباب العذاب النفسي والبدني ، ومن
المعلوم أن العَين رسول القلب وبريده ، فإذا ما أرسلها صاحبها وقلّبها في الصور
المشتهاة ، تعلق قلبه بتلك الصور ولا بد ، وانطبعت فيه ، ثم في أكثر الأحوال لا
يستطيع الوصول إلى ما مراده منها ، فيشقى ويتعب . ولأجل ذلك جاء الشرع الحنيف بقطع
أسباب هذا العناء ، فأمر بغض الأبصار ، فعلى المسلم امتثال هذا الأمر ليرضي ربه
وليريح نفسه .
ثالثا:
يجوز الدعاء للكافر بالهداية ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة ، فقد ثبت أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا لقبيلة دوس بالهداية فقال : ( اللهم
اهد دوساً ) رواه البخاري (2937) ، ومسلم (2524) .
ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم لأم أبي هريرة رضي الله عنهما بالهداية .
قال العلامة ابن مفلح الحنبلي رحمه الله في "الآداب الشرعية" (1/368)، وهو يتكلم
عما يجوز وما لا يجوز الدعاء به للكافر قال : " وأما الدعاء بالهداية ونحوها : فهذا
جوازه واضح " انتهى .
وينبغي للداعي أن يحسن نيته بهذا الدعاء بأن يقصد تحقيق مرضاة الله سبحانه بإسلام
الكافر ونجاته من عذاب الله ونحو ذلك من المقاصد الحسنة .
وأما أن يكون مقصوده ، أو بعض مقصوده : الزواج من هذا الشخص ، فلا شك أنه ، إن سلمت
له نيته في أصل العمل ؛ فلن يسلم له قلبه من التعلق بشخص "كافر" في الحال ، على أمل
، أو توهم أنه سوف يكون "مسلما" في المآل ؟! ولا شك أن العاقل لا يدع الواضحات ،
وينبي قصورا فوق الرمال !!
والذي ينبغي عليك فعله : أن
تصرفي تفكيرك عن هذا الشخص تماما ، ولا تنشغلي به ، حتى ولو كان ذلك بالدعاء له
بالهداية ، فإن ذلك سيزيد قلبك تعلقا به .
ثم إنك ذكرت عنه بعض الكبائر ورذائل الأخلاق ، التي تدل على انحراف صاحبها عن
الفطرة السوية ، والسلوك الإنساني القويم ، حتى ولو كان كافرا ؛ فكيف يبقى لك تعلق
بمثل ذلك ، أو أمل فيه أنه سوف يسلم ، وسوف يستقيم حاله ، وسوف يتقدم للزواج بك ،
وسوف ، وسوف ، وسوف ؟؟ إن لم يكن هذا غرورا ، وأماني كاذبات ؛ فما الوهم والغرور
إذا ؟!
فدعي عنك أمر هذا الرجل ، يا
أمة الله ، وطهري قلبك من تلاعب الشيطان به ، ومن يستعفف ، يعفه الله .
نسأل الله تعالى أن يوفقك إلى ما فيه خيرك في الدنيا والآخرة .
والله أعلم .
تعليق