الحمد لله.
من رخص الصلاة المتعلقة بالسفر الجمع بين صلاتي الظهر والعصر ، وبين صلاتي المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير .
ولم يواظب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الجمع في كل أسفاره ، بل كان يجمع أحياناً ، وأحياناً أخرى لا يجمع ، ويصلي كل صلاة في وقتها .
ولذلك قال العلماء : الأفضل للمسافر أن لا يجمع إلا إذا احتاج إليه بأن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها ، وإن كانت رخصة الجمع ثابتة لكل مسافر .
انظر : "المغني" (3/131) ، "الشرح الممتع" (4/550-553) .
وإذا ثبت السفر جاز الترخص بالجمع ، ولو علم أنه سيعود إلى بلده قبل خروج وقت الصلاة الثانية ، أو قبل دخول وقتها ، لأن الأدلة إنما دلت على جواز الجمع للمسافر ، فما دام الإنسان مسافراً فله الجمع .
وقد ذكر النووي رحمه الله في "المجموع" (4/180) اختلاف العلماء على قولين فيما إذا جمع بين الصلاتين جمع تقديم وهو مسافر ثم أقام ، فهل يبطل الجمع ويلزمه إعادة الصلاة الثانية في وقتها أو لا ؟
ثم قال النووي رحمه الله : أصح القولين أنه لا يبطل الجمع ، كما لو قصر ثم أقام اهـ بتصرف يسير.
وقال الموفق ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/140) :
"وَإِنْ أَتَمَّ الصَّلاتَيْنِ فِي وَقْتِ الأُولَى , ثُمَّ زَالَ الْعُذْرُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُمَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ , أَجْزَأَتْهُ , وَلَمْ تَلْزَمْهُ الثَّانِيَةُ فِي وَقْتِهَا ; لأَنَّ الصَّلَاةَ وَقَعَتْ صَحِيحَةً مُجْزِيَةً عَنْ مَا فِي ذِمَّتِهِ , وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْهَا , فَلَمْ تَشْتَغِلْ الذِّمَّةُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ .
وَلأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَهُ حَالَ الْعُذْرِ , فَلَمْ يَبْطُلْ بِزَوَالِهِ بَعْدَ ذَلِكَ , كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلاةِ" اهـ .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مسافر جمع بين صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم ، وهو يعلم أنه سيصل إلى مكان إقامته قبل صلاة العصر فهل هذا جائز ؟
فأجاب :
نعم . هذا جائز ، لكن إن كان يعلم أو يغلب على ظنه أنه سيصل قبل صلاة العصر ، فالأفضل أن لا يجمع لأنه ليس هناك حاجة للجمع . اهـ. "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/422) .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن المسألة نفسها ، فأجابت :
"...ولو جمعت في سفرك العشاء مع المغرب وقصرتها فلا بأس ، ولو وصلت في وقت العشاء " اهـ . "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/152) .
والله تعالى أعلم .
تعليق