الحمد لله.
أولا:
لتلفيق في اللغة: مصدر لفَّق , يقال: لفق بين الثوبين : لأم بينهما بالخياطة , ولفق الحديث: زخرفه وموَّهه بالباطل فهو مُلَفَّق .
وأما في الاصطلاح : فهو القيام بعمل واحد يجمع فيه بين عدة مذاهب ، بحيث لا يمكن اعتبار هذا العمل صحيحا في أي مذهب من المذاهب .
جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية "(13 / 293) :
" الْمُرَادُ بِالتَّلْفِيقِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ : أَخْذُ صِحَّةِ الْفِعْل مِنْ مَذْهَبَيْنِ مَعًا ، بَعْدَ الْحُكْمِ بِبُطْلاَنِهِ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمُفْرَدِهِ .
وَمِثَالُهُ : مُتَوَضِّئٌ لَمَسَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً بِلاَ حَائِلٍ ، وَخَرَجَ مِنْهُ نَجَاسَةٌ ،كَدَمٍ ، مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ ، فَإِنَّ هَذَا الْوُضُوءَ بَاطِلٌ بِاللَّمْسِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ، وَبَاطِلٌ بِخُرُوجِ الدَّمِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ، وَلاَ يُنْتَقَضُ بِخُرُوجِ تِلْكَ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ، وَلاَ يُنْتَقَضُ أَيْضًا بِاللَّمْسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ، فَإِذَا صَلَّى بِهَذَا الْوُضُوءِ ، فَإِنَّ صِحَّةَ صَلاَتِهِ مُلَفَّقَةٌ مِنَ الْمَذْهَبَيْنِ مَعًا " انتهى .
وقد اختلف العلماء في حكم هذه الصورة : فذهب بعضهم إلى عدم الجواز , بل حكى البعض الإجماع على فساد هذا العمل وبطلانه . جاء في " الدر المختار وحاشية ابن عابدين " (1 / 383): "الْحُكْمَ الْمُلَفَّقَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ" انتهى.
وذهب بعضهم إلى الجواز , جاء في " الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي "(1 / 20): "وَبِالْجُمْلَةِ : ففِي التَّلْفِيقِ فِي الْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ مَذْهَبَيْنِ طَرِيقَتَانِ : الْمَنْعُ ، وَهُوَ طَرِيقَةُ الْمَصَارِوَةِ , وَالْجَوَازُ ، وَهُوَ طَرِيقَةُ الْمَغَارِبَةِ وَرُجِّحَتْ " انتهى .
والقول بالجواز هو الراجح , جاء في " مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى " (1 / 391): " وَاَلَّذِي أَذْهَبُ إلَيْهِ وَأَخْتَارُهُ : الْقَوْلُ بِجَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي التَّلْفِيقِ ، لَا بِقَصْدِ تَتَبُّعِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مَنْ تَتَبَّعَ الرُّخَصَ فَسَقَ ، بَلْ حَيْثُ وَقَعَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا ، خُصُوصًا مِنْ الْعَوَامّ الَّذِينَ لَا يَسْعُهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ .
فَلَوْ تَوَضَّأَ شَخْصٌ ، وَمَسَحَ جُزْءًا مِنْ رَأْسِهِ مُقَلِّدًا لِلشَّافِعِيِّ ، فَوُضُوءُهُ صَحِيحٌ بِلَا رَيْبٍ ، فَلَوْ لَمَسَ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُقَلِّدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ، جَازَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ وُضُوءَ هَذَا الْمُقَلِّدِ صَحِيحٌ ، وَلَمْسَ الْفَرْجِ غَيْرُ نَاقِضٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، فَإِذَا قَلَّدَهُ فِي عَدَمِ نَقْضِ مَا هُوَ صَحِيحٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ، اسْتَمَرَّ الْوُضُوءُ عَلَى حَالِهِ بِتَقْلِيدِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ ، وَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ التَّقْلِيدِ .
وَحِينَئِذٍ ، فَلَا يُقَالُ: الشَّافِعِيُّ يَرَى بُطْلَانَ هَذَا الْوُضُوءِ بِسَبَبِ مَسِّ الْفَرْجِ ، وَالْحَنَفِيُّ يَرَى الْبُطْلَانَ لِعَدَمِ مَسْحِ رُبْعِ الرَّأْسِ فَأَكْثَرَ ؛ لِأَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ مُنْفَصِلَتَانِ ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ قَدْ تَمَّ صَحِيحًا بِتَقْلِيدِ الشَّافِعِيِّ ، وَيَسْتَمِرُّ صَحِيحًا بَعْدَ اللَّمْسِ بِتَقْلِيدِ الْحَنَفِيِّ ، فَالتَّقْلِيدُ لِأَبِي حَنِيفَةَ إنَّمَا هُوَ فِي اسْتِمْرَارِ الصِّحَّةِ ، لَا فِي ابْتِدَائِهَا ، وَأَبُو حَنِيفَةَ مِمَّنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ وُضُوءِ هَذَا الْمُقَلِّدِ قَطْعًا، فَقَدْ قَلَّدَ أَبَا حَنِيفَةَ فِيمَا هُوَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ" انتهى.
أما أن يُقلد الشخص مذهباً في مسألة ما ، ويقلد مذهباً آخر في مسألة أو مسائل أخرى غيرها ، فهذا ليس من التلفيق .
جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (13 / 294) :
" أَمَّا الأخْذُ بِأَقْوَال الأئِمَّةِ فِي مَسَائِل مُتَعَدِّدَةٍ فَلَيْسَ تَلْفِيقًا , وَإِنَّمَا هُوَ تَنَقُّلٌ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ ، أَوْ تَخَيُّرٌ مِنْهَا" انتهى .
وهذ جائز ، إذا لم يكن الدافع للفعل مجرد اتباع الهوى والشهوات , لأنه لا يلزم أحدا من الناس أن يأخذ بقول إمام من الأئمة ، يقلده دون غيره في كل ما يقوله .
وفي ذلك يقول العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (4 / 202) :
"وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا قَطُّ أَنْ يَتَمَذْهَبَ بِمَذْهَبِ رَجُلٍ مِنْ الْأُمَّةِ ، بِحَيْثُ يَأْخُذُ أَقْوَالَهُ كُلَّهَا وَيَدْعُ أَقْوَالَ غَيْرِهِ . وَهَذِهِ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ حَدَثَتْ فِي الْأُمَّةِ ، لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَهُمْ أَعْلَى رُتْبَةً وَأَجَلُّ قَدْرًا وَأَعْلَمُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ أَنْ يُلْزِمُوا النَّاسَ بِذَلِكَ ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَمَذْهَبَ بِمَذْهَبِ عَالِمٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَمَذْهَبَ بِأَحَدِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ ، فَيَالَلَّهِ الْعَجَبُ، مَاتَتْ مَذَاهِبُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَذَاهِبُ التَّابِعِينَ وَتَابِعَيْهِمْ وَسَائِرُ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَبَطَلَتْ جُمْلَةً ، إلَّا مَذَاهِبَ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ فَقَطْ ، مِنْ بَيْنَ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ وَالْفُقَهَاءِ ، وَهَلْ قَالَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ ، أَوْ دَعَا إلَيْهِ ، أَوْ دَلَّتْ عَلَيْهِ لَفْظَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ كَلَامِهِ عَلَيْه " انتهى.
بقيت صورة أخرى ذات صلة بهذه المسألة ، وهي: أن يُقلد الشخص مذهباً في مسألة معينة ، فإذا تكررت معه نفس المسألة ، أخذ فيها برأي مذهب آخر ، وهذه الصورة جائزة إذا كان الدافع اتباع الحق ؛ مثل أن يتبين له أن الحق مع هذا القول الذي جاءه متأخرا , أما إن كان الدافع اتباع الهوى فلا يجوز , وفي ذلك يقول العلامة ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في " مجموع الفتاوى " (20 / 220) :
" مَنْ الْتَزَمَ مَذْهَبًا مُعَيَّنًا ، ثُمَّ فَعَلَ خِلَافَهُ مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ لِعَالِمِ آخَرَ أَفْتَاهُ ؛ وَلَا اسْتِدْلَالَ بِدَلِيلِ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ ، وَمِنْ غَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ يُبِيحُ لَهُ مَا فَعَلَهُ ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَّبِعًا لِهَوَاهُ ، وَعَامِلًا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ وَلَا تَقْلِيدٍ ، فَاعِلًا لِلْمُحَرَّمِ بِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ ؛ فَهَذَا مُنْكَرٌ...
وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَعْتَقِدَ الشَّيْءَ وَاجِبًا أَوْ حَرَامًا ، ثُمَّ يَعْتَقِدَهُ غَيْرَ وَاجِبٍ وَلَا حَرَامٍ بِمُجَرَّدِ هَوَاهُ ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ طَالِبًا لِشُفْعَةِ الْجِوَارِ فَيَعْتَقِدَهَا أَنَّهَا حَقٌّ لَهُ ، ثُمَّ إذَا طَلَبْت مِنْهُ شُفْعَةَ الْجِوَارِ اعْتَقَدَهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ ثَابِتَةً ، أَوْ مِثْلَ مَنْ يَعْتَقِدُ إذَا كَانَ أَخًا مَعَ جَدٍّ : أَنَّ الْإِخْوَةَ تُقَاسِمُ الْجَدَّ ، فَإِذَا صَارَ جَدًّا مَعَ أَخ اعْتَقَدَ أَنَّ الْجَدَّ لَا يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ ، أَوْ إذَا كَانَ لَهُ عَدُوٌّ يَفْعَلُ بَعْضَ الْأُمُورِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا كَشُرْبِ النَّبِيذِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَلِعْبِ الشِّطْرَنْجِ , وَحُضُورِ السَّمَاعِ ، أَنَّ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُهْجَرَ وَيُنْكَرَ عَلَيْهِ ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَدِيقُهُ اعْتَقَدَ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي لَا تُنْكَرُ .
فَمِثْلُ هَذَا مُمْكِنٌ فِي اعْتِقَادِهِ حِلُّ الشَّيْءِ وَحُرْمَتُهُ ، وَوُجُوبُهُ وَسُقُوطُهُ ، بِحَسَبِ هَوَاهُ ؛ هُوَ مَذْمُومٌ بِخُرُوجِهِ ، خَارِجٌ عَنْ الْعَدَالَةِ ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَد وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ.
وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ مَا يُوجِبُ رُجْحَانَ قَوْلٍ عَلَى قَوْلٍ ، إمَّا بِالْأَدِلَّةِ الْمُفَصَّلَةِ إنْ كَانَ يَعْرِفُهَا وَيَفْهَمُهَا ، وَإِمَّا بِأَنْ يَرَى أَحَدَ رَجُلَيْنِ أَعْلَمَ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْآخَرِ ، وَهُوَ أَتْقَى لِلَّهِ فِيمَا يَقُولُهُ ، فَيَرْجِعُ عَنْ قَوْلٍ إلَى قَوْلٍ لِمِثْلِ هَذَا , فَهَذَا يَجُوزُ ، بَلْ يَجِبُ , وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَد عَلَى ذَلِكَ" انتهى.
ثانيا:
الواجب على العامي الذي لم يتأهل للنظر أن يرجع في أمر دينه ، والنوازل التي تواجهه ، إلى أهل العلم الثقات ، فيسألهم ، ويصدر عن كلامهم . قال الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/43-44 .
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله : " وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم ، وأن أعلى أنواعه : العلم بكتاب الله المنزل ؛ فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث ، وفي ضمنه تعديل لأهل العلم ، وتزكية لهم حيث أمر بسؤالهم ، وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعة ، فدل على أن الله ائتمنهم على وحيه وتنزيله ... " انتهى من "تفسير السعدي" (441).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " واجتهاد العامة : هو طلبهم العلم من العلماء ، بالسؤال والاستفتاء ، بحسب إمكانهم " انتهى من "جامع الرسائل" (2/318) .
فإذا سأل العامي العالم الذي يثق في علمه وورعه ، فأفتاه ؛ فعليه أن يتبع فتواه , ولا يترك قوله إلى قول غيره لمجرد اتباع الهوى والأخذ بالأيسر , فإن هذا من تتبع الرخص المذموم , وقد سبق بيان حكمه في الفتوى رقم : (10645) , والفتوى رقم : (192787).
أما إن ترك قول مفتيه إلى قول غيره من أهل العلم ، لا لمجرد الهوى واتباع ما تشتهيه نفسه , بل لأمر ديني ، مثل أن يتبين له رجحان قول الآخر على ما قاله الأول , أو ترك قول العالم إلى من هو أعلم منه وأورع ، فهنا : لا حرج عليه , بل يجب عليه ذلك كما سبق بيانه .
وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فإذا ترجح عند المستفتي أحد القولين : إما لرجحان دليله - بحسب تمييزه - ، وإما لكون قائله أعلم وأورع : فله ذلك وإن خالف قوله المذهب" .
انتهى من" مجموع الفتاوى( 33 / 168 ) .
وقال رحمه الله : " إن كان انتقاله من مذهب إلى مذهب لأمر ديني ، مثل أن يتبين رجحان قول على قول ، فيرجع إلى القول الذي يرى أنه أقرب إلى الله ورسوله : فهو مثاب على ذلك ، بل واجب على كل أحد إذا تبين له حكم الله ورسوله في أمر ألا يعدل عنه ، ولا يتبع أحداً في مخالفة الله ورسوله ؛ فإن الله فرض طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم على كل أحد في كل حال ..." .
انتهى من" مجموع الفتاوى " ( 20 / 223 ) .
ثالثا:
الإفرازات التي تخرج من المرأة طاهرة على القول الراجح , ولكن خروجها ينقض الوضوء على القول الراجح أيضا , بل هو قول جماهير أهل العلم خلافا لابن حزم , فإذا كانت هذه الرطوبة تنزل من المرأة باستمرار ، فإنها تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ، ولا يضرها نزول هذه الرطوبة بعد ذلك ، ولو كانت في الصلاة ، وإذا شق عليها الوضوء لكل صلاة ، لكونها في مكان لا تستطيع فيه الوضوء ، فلها أن تجمع بين صلاتي الظهر والعصر ، وبين صلاتي المغرب والعشاء ، فتصليهما في وقت إحداهما ، بأن تتوضأ وضوءً واحداً وتصلي الصلاتين معاً .
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (50404) , والفتوى رقم : (112759) .
رابعا:
لمسُكِ لمحارمِك لا ينقض الوضوء ؛ لأن الراجح من أقوال أهل العلم أن لمس الرجل للمرأة - ومثله لمس المرأة للرجل - لا ينقض الوضوء مطلقا , وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (76115).
خامسا:
أما صلاتك السابقة التي أديتها مقلدة لمذهب من يقول بعدم بطلان الوضوء بهذه الإفرازات : فهي صلاة صحيحة ؛ لأنك فعلتها متأولة صواب ذلك ، مقلدة لبعض أهل العلم المجتهدين .
والله أعلم.
تعليق