الحمد لله.
أولاً :
اليتيم هو الطفل الصغير الذي دون البلوغ وقد مات أبوه .
فلا يسمى الطفل يتيماً ما دام أبوه على قيد الحياة ، حتى ولو كان بعيداً عنه .
وليس معنى ذلك نفي أي أجر أو
ثواب في كفالة هذه الطفلة ، فلك في كفالتها وتربيتها أجر عظيم إن شاء الله تعالى ،
بل قد يكون أعظم من أجر كفالة اليتيم ، لأن عدم كفالتك لها قد يعني أنها تذهب إلى
أمها ، وحينئذ تخسر دينها وإسلامها .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه
وسلم: ) الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ ,
يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ( .
رواه أبو داود (4918) وغيره ، وصححه الألباني .
أيْ: يَحْفَظُهُ وَيَصُونُهُ ، وَيَذُبُّ عَنْهُ بِقَدْرِ الطَّاقَة ، ويَمْنَعُ
تَلَفَهُ وَخُسْرَانَه . قَالَ فِي النِّهَايَة: وَضَيْعَةُ الرَّجُل: مَا يَكُون
مِنْ مَعَاشِه كَالصَّنْعَةِ وَالتِّجَارَة وَالزِّرَاعَة وَغَيْر ذَلِكَ , أَيْ:
يَجْمَعُ إِلَيْهِ مَعِيشَتَه وَيَضُمُّهَا لَهُ " انتهى، ينظر : "عون المعبود"
(10/447) .
فإذا كان ذلك من حقوق الأخوة الإيمانية ، أن يحفظ المؤمن على أخيه المؤمن ضياعه ،
ومتاعه ، فكيف يكون حال من تحفظ على زوجه أهم ضيعة عنده : ضيعة أولاده ؟!
ثانياً :
لاشك أن للزوج حقاً مؤكداً على زوجته ، فهي مأمورة بطاعته ، وحسن معاشرته .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلت المرأة
خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها ، وأطاعت زوجها ؛ قيل لها : ادخلي الجنة من أي
أبواب الجنة شئت ) رواه أحمد (1661) ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (660) .
وإن من طاعة الزوج وإكرامه وحسن معاشرته : الإحسان إلى ابنته ، التي ليس لها بعد الله ، إلا هو ، وأنت ِ.
ثالثا :
نحن نقدر لك ما تشعرين به من حساسيتك تجاه هذه الفتاة ، غير أن الذي ننصحك به : ألا
تكون الطفلة مؤثرة على علاقتك بزوجك ، فإن حرص والدها عليها ، واهتمامه بها : طبيعي
جدا ؛ لأنها طفلة ، ولأن والدتها بعيدة عنها ، وتخيلي لو كنتِ مكان زوجك ، وهذه
الطفلة ابنتك ، كيف كنت تحبين أن يتعامل زوجك معها ؟
فحاولي جاهدة - بارك الله
فيك - إعانة زوجك على تربية ابنته وحفظها ، والإحسان إليها ، والرفق بها ، وقومي
مقام والدتها ، واحتسبي الأجر عند الله ، وكوني على ثقة أن إحسانك لن يضيع عند الله
، وستجنين منه ثمارا نافعة في الدنيا والآخرة بإذن الله ، ولعل الله أن يبارك لك في
ذريتك ، ويحفظهم لك ، ببركة عنايتك بهذه البنت الصغيرة الضائعة ، من غير أم لها
ترعاها ، وتحنو عليها.
وتأكدي أن زوجك لو رأى منك الإحسان إلى ابنته لقدر ذلك لك ، والنفس البشرية أختي
الكريمة مهما طغت وأساءت إلا أنها لا تنسى الإحسان وإن تجاهلته في الظاهر .
والنصيحة لك أن تحافظي على بيتك ، وأن تصبري على زوجك ، وأن تكوني لبيبة حكيمة في تعاملك معه ، فالزوج تأسره الكلمة الطيبة ، وتقيِّده المعاملة الحسنة ، وخصوصا من زوجته ، واعلمي أن إحسانك إلى هذه الطفلة فيه محافظة على إسلامها ، وهذ العمل ثوابه عظيم عند الله تعالى ، مع ما يترتب على ذلك من محبة زوجك لك وإحسانه إليك .
والله أعلم .
تعليق