الحمد لله.
إذا اعتنيت بالهرة من جهة المطعم والمشرب والعلاج ، فلا حرج عليك في حبسها في بيتك وعدم السماح لها بالخروج منه إلا تحت ناظريك ، سواء كان غرضك حجبها عن الذكور أم لا ، إذ لا يجب على من يستأنس الحيوان الأليف أن يوفر له التزاوج من جنسه ، وليس ذلك من المثلة ولا من التعذيب .
ويمكن أن يستدل على الجواز بحديث أَنَسٍ رضي الله عنه مرفوعا : ( يَا أَبَا عُمَيْرٍ ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ ) نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ " رواه البخاري (6203) ، ومسلم (2150). والنُّغَير : نوع من الطير. فدل الحديث على جواز حبسه ، كما قال القاضي عياض رحمه الله : " فيه جواز لعب الصبى بالطير الصغير ، ومعنى هذا اللعب عند العلماء إمساكه له ، وتلهيته بحبسه ، لا بتعذيبه والعبث به " انتهى من " إكمال المعلم بفوائد مسلم " (7/26) .
ولازم الحبس حبسه عن التكاثر والتزاوج أيضا ، فسكوت النبي صلى الله عليه وسلم ، بل وإقراره ، يدل على أن الحبس مع العناية بالطعام والشراب والعلاج ليس إثما ولا معصية ، وإن أدى إلى قطع الحيوان عن جنسه .
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" يجوز حبس الهر وإطعامه ، ولا نظر لما في الحبس من العقوبة ؛ لأنها يسيرة محتملة ، وكذا الطائر ، وفي شرح التعجيز لابن يونس : أن القفص للطائر ، كالإصطبل للدابة .
ودليل جواز حبسهما خبر البخاري وغيره ( أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) ؛ فأفهم أنها لو حبستها وأطعمتها : جاز ، ولم تدخل النار بسببها .
وخبره أيضا : أنه صلى الله عليه وسلم ( كان إذا دخل دار خادمه أنس بن مالك رضي الله تبارك وتعالى عنه لزيارة أمه رضي الله عنها يقول لولدها الصغير : يا أبا عمير ما فعل النغير ) يمازحه عن طير كان يلعب به ويحبسه عنده " انتهى من " الفتاوى الفقهية الكبرى " (4/ 240) .
فظاهر حديث (الهرة) عدم اعتبار جانب التكاثر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر إلا الطعام .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين
رحمه الله :
في الغرب يقومون بقطع الغريزة الجنسية عند القطط بدعوى الإيذاء فما حكم ذلك ؟
فأجاب :
" إذا كانت القطط كثيرة مؤذية وكانت العملية لا تؤذيها فلا حرج لأن هذا أولى من
قتلها بعد خلقها .. وأما إذا كانت قططا معتادة ولا تؤذي فلعل في بقائها تتنامي
خيراً " .
انتهى من "فتاوى إسلامية" (4/595) .
ولا شك أن الأمر في حبس الإناث عن الذكور ، ومنعها من التزاوج : أهون بكثير من
تعقيمها ، أو خصائها ، والرخصة فيه أسهل وأقرب .
ولمزيد من التوسع يرجى النظر في الأرقام الآتية : (22373) ، (48008) ، (72222) ، (179895) .
تعليق