الحمد لله.
الحديث الذي سألت عنه ، هو :
ما رواه البخاري ( 233 ) ، ومسلم ( 1671 ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : " قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ ، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا ، فَانْطَلَقُوا ، فَلَمَّا صَحُّوا ، قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ ، فَجَاءَ الخَبَرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ ، فَأَمَرَ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسُمِّرَتْ أَعْيُنُهُمْ ، وَأُلْقُوا فِي الحَرَّةِ ، يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ " .
ومعنى ( سُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ ) قد جاء بيان معناها في رواية أخرى عند البخاري ( 3018 ) : ( ثُمَّ أَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا ) .
وسمر النبي صلى الله عليه
وسلم أعينهم على وجه القصاص والعقوبة بالمثل ، لأنهم فعلوا ذلك بالرعاة ، كما جاء
بيان ذلك في صحيح مسلم (1671) عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ: " إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ ، لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا
أَعْيُنَ الرِّعَاءِ " .
قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :
" استشكل بعض العلماء تمثيله صلى الله عليه وسلم بالعُرَنيين ؛ لأنه سمل أعينهم ،
مع قطع الأيدي والأرجل ، مع أن المرتد يقتل ولا يمثل به ...
والتحقيق في الجواب : هو أنه صلى الله عليه وسلم فعل بهم ذلك قصاصا ، وقد ثبت في
صحيح مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم إنما سمل أعينهم قصاصا ؛ لأنهم سملوا أعين
رعاة اللِّقاح " .
انتهى من " أضواء البيان " ( 2 / 115 – 116 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله
تعالى :
" وفيها من الفقه ... أنه يفعل بالجاني كما فعل ، فإنهم لما سملوا عين الراعي ، سمل
أعينهم " انتهى من " زاد المعاد " ( 3 / 255 ) .
وقال ابن حجر رحمه الله :
" وفي هذا الحديث من الفوائد ... المماثلة في القصاص ، وليس ذلك من المثلة المنهي
عنها " انتهى من " فتح الباري " ( 1 / 341 ) .
والله أعلم .
تعليق