الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

إذا قذف الرجل زوجته ، فأنكرت ، وحلفت أنها ما فعلت ، فهل يعدّ ذلك لعانا ؟

228699

تاريخ النشر : 06-05-2015

المشاهدات : 103540

السؤال


قال رجل لزوجته أنّ رجلاً أجنبياً رآها عارية ، أو أنها ارتكبت الزنا فأنكرت فطلب منها أن تحلف فأقسمت على ذلك ، فهل يعتبر هذا لعاناً ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا يجوز للزوج قذف زوجته ورميها بالزنا بغير بينة ، فإذا قذفها فطالبت بحقها الشرعي فيلزمه أحد أمرين : إما أن يأتي بأربعة شهود يشهدون على الزنا ، وإما أن يلاعن زوجته ، فإن لم يفعل واحدا من الأمرين استحق أن يجلد حد القذف ، وحُكم بفسقه ، وردت شهادته ، وحد القذف أن يجلد ثمانين جلدة .
راجع جواب السؤال رقم : (132559) .
ثانيا :
قول الرجل لزوجته : إن أحدا من الناس رآها عارية ليس بقذف ، ولا يوجب لعانا ؛ لأن القذف: هو تعرضٌ للعرض برميه بزنى أو لواط .
ولكنه قول سوء ، إن لم يكن لديه بينة عليه فقد أساء وتعدى وظلم ، ويجب عليه أن يتحلل من زوجته ويستسمحها .
وهذا لو كان كلامه قاصرا على تلك التهمة .
أما وقد صرح لها بأنها "ارتكبت الزنا" ، على ما ورد في السؤال ، فهذا قذف صريح ، وقد سبق الإشارة إلى حكمه في أول الجواب .
ثالثا :
حد القذف حق للمقذوف ، فإن أسقطه : سقط .
قال في "زاد المستقنع": "وَهُوَ حَقٌّ لِلْمَقْذُوفِ" انتهى .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وبناءً على أنه حق للمقذوف : يسقط بعفوه ، فلو عفا بعد أن قذفه بالزنا فإن حد القذف يسقط ؛ لأنه حق له ، كما لو كان عليه دراهم ، فعفا عنها : فإنها تسقط عنه، ولا يُستوفى بدون طلبه " انتهى من "الشرح الممتع" (14/284) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَلَا يُحَدُّ الْقَاذف إلَّا بِالطَّلَبِ إجْمَاعًا " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/ 507) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" إذا رماها بالزنا تطالبه بحد القذف ليجلد ثمانين جلدة ، تطلب من المحكمة أن يقام عليه الحد ثمانين جلدة ، إلا أن تعفو وتصفح ويهديه الله ويترك الكلام البذيء فلا بأس " .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (22/ 403) .

رابعا :
ليس مجرد القذف لعانا ، وإنما هو سبب للعان ، وكذا لو قذفها فحلفت أنها بريئة فليس بلعان أيضا .
فاللعان : ما يجري بين الزوجين من الشهادات والأيمان المؤكدة ، إذا رمى الزوج زوجته بالزنا ، ولم تكن له بينة على ذلك ، وأنكرت الزوجة .
أو ادعى الزوج أن ولد زوجته ليس منه ، وأنكرت هي تلك الدعوى ، وليست له بينة على ما رماها به ؛ فإنهما يتلاعنان على الصفة التي ذكر الله عز وجل في قوله : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) النور/ 6 - 9
فهذه الشهادات والأيمان هي اللعان .
وينظر جواب السؤال رقم : (101771) .

خامسا :
لا يوجب القذف الفرقة ، بخلاف اللعان ، فإنه يوجب الفرقة بين الزوجين .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (35/ 260)
" ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ " انتهى .
فمن قذف زوجته : إما أن يحد ، أو يلاعن ، أو تعفو عنه الزوجة .
فليس القذف لعانا بمجرده .
ولو أنه اتهمها ، فأنكرت وحلفت أنها ما فعلت ، فصدقها ، فذاك أهون من اللعان .

ويجب على الرجل أن يتقي الله في زوجته ، وألا يتهمها في عرضها إلا ببينة ، وقد روى الإمام أحمد (23747) عن جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللهُ ، وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللهُ ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللهُ ، فَالْغَيْرَةُ فِي رِيبَةٍ ، وَأَمَّا الَّتِي يُبْغِضُ اللهُ ، فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ الرِّيبَةِ ) .
وحسنه محققو المسند .
فإن ارتاب في أمرها ، وكره عشرتها ، سرحها سراحا جميلا .
وينظر لفائدة جواب السؤال رقم : (103882) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب