الحمد لله.
أولا :
يُخشى أن يكون السائل ممن أصابهم الشيطان بشيء من وسوسته ، فجعله يشك في صحة نكاحه حتى ينغص عليه عيشه ، فإن السائل ذكر أنه جدد عقد النكاح ، ثم صار بعد ذلك يشك في هذا التجديد .
فالنصيحة للسائل أن يكثر من ذكر الله تعالى والاستعاذة به من الشيطان الرجيم ، وأن لا يلتفت إلى هذه الوساوس ولا يسترسل معها .
ثانيا :
أما صحة النكاح ، فهو صحيح ، ولا إشكال فيه ، وذلك للتالي :
1- يشترط عند جمهور العلماء لصحة النكاح : شهادة شاهدين عدلين من المسلمين .
وذهب بعض أهل العلم – وهو قول قوي - إلى أن الشهادة ليست شرطا ، بل يكفي إعلان
النكاح ، فحيث اشتهر النكاح وأعلن ، صحَّ ـ وهو قول الزهري والإمام مالك . واختاره
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " لا ريب في أن النكاح مع الإعلان يصح ، وإن
لم يشهد شاهدان " انتهى من "الاختيارات الفقهية" (ص 177) .
والمقصود بإشهار النكاح : إعلانه ، وجعله ظاهراً بين الناس ، ويحصل بأي شيء متعارف
كإطعام الطعام عليه ، أو إحضار جمع من الناس زيادة على الشاهدين، أو بالضرب فيه
بالدف حتى يشتهر ويعرف .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (5/ 48) .
ينظر السؤال رقم : (124678) ، والسؤال
رقم : (112112) .
على قول جمهور العلماء الذين يشترطون لصحة النكاح أن يشهد على العقد شاهدان عدلان ،
فإنهم لم يشترطوا أن يكون الشاهد عدلا في نفس الأمر ، وإنما اكتفوا بأن يكون ظاهره
العدالة ، فإن تبين بعد العقد أنه كان فاسقا لم يؤثر ذلك على عقد النكاح. قال ابن
قدامة رحمه الله : " أَمَّا الْفَاسِقَانِ: فَفِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ
بِشَهَادَتِهِمَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَنْعَقِدُ. وَهُوَ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ؛ وَالثَّانِيَةُ: يَنْعَقِدُ بِشَهَادَتِهِمَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي
حَنِيفَةَ . وَعَلَى كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ لَا يُعْتَبَرُ حَقِيقَةُ
الْعَدَالَةِ ، بَلْ يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ مَسْتُورِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّ
النِّكَاحَ يَكُونُ فِي الْقُرَى وَالْبَادِيَةِ ، وَبَيْنَ عَامَّةِ النَّاسِ ،
مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ الْعَدَالَةِ ، فَاعْتِبَارُ ذَلِكَ يَشُقُّ
فَاكْتُفِيَ بِظَاهِرِ الْحَالِ، وَكَوْنِ الشَّاهِدِ مَسْتُورًا لَمْ يَظْهَرْ
فِسْقُهُ " انتهى من "المغني" (7/ 9) .
ثم قال رحمه الله :
" فإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ كَانَ فَاسِقًا، لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ
فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ
ظَاهِرَ الْفِسْقِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: نَتَبَيَّنُ أَنَّ
النِّكَاحَ كَانَ فَاسِدًا؛ لِعَدَمِ الشَّرْطِ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ " انتهى من
"المغني" (7/ 10) ، وينظر : "الحاوي الكبير" ، للماوردي (9/ 64) .
فتبين بذلك أن النكاح صحيح سواء قيل باشتراط وجود شاهدين أو قيل بأنه يكفي الإعلان .
والله أعلم .
تعليق