الحمد لله.
لا يضرك هذا الاشتباه الذي تسألين عنه في شأن الصفرة ورطوبة الفرج ، وذلك لأن الأمر لا يخلو من حالتين :
أولا :
إما أن ينزل الأصفر قبل الحيض ، أو بعده ، متصلا بفترة الدورة [أي : قبل حصول الطهر] ، أو ينزل خلال مدة الدورة نفسها ، وقبل الطهارة منها بنزول السائل النقي الأبيض الشفاف :
فهذا كله من الحيض ، سواء كان صفارا محضا ، أم بياضا مشوبا بالصفرة ، ولا وجه لخوفك الاشتباه بين الصفرة ورطوبة الفرج ، فرطوبة الفرج هنا لا حكم لها ، ما دامت الدورة قائمة ، ولا احتمال للسوائل الطاهرة أصلا .
ثانيا :
أما إذا طهرت من حيضتك ، بعلامة السائل الأبيض ، أو بالنقاء والجفاف ، وانتهت عدتك واطمأننت لذلك : فما ينزل عليك بعد الاطمئنان للطهارة لا يخلو :
إما أن يكون أبيض نقيا ، بنظر العين المجرد ، ومن غير تكلف في النظر بالأضواء والفحوصات ونحو ذلك ، وليس له رائحة كريهة ، فهذا من رطوبات الفرج الطاهرة كما قال في " الإنصاف " (1/341) : " في رطوبة فرج المرأة روايتان... إحداهما : هو طاهر ، وهو الصحيح من المذهب مطلقا ". ولكنها تنقض الوضوء .
وإما أن يميل إلى الصفار بنظر العين المجرد أيضا ، ودون تركيز الأضواء ، فهذا سائل نجس ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (7776)، فتحترز المرأة منه وتغسله من ثيابها ، وتتوضأ من نزوله ، غير أننا لا نحكم عليه بأنه من الحيض ، فالفرض أن الدورة قد انقضت وانتهت كما هو مذهب الحنابلة .
يقول ابن قدامة رحمه الله :
" إن رأته [يعني الصفرة] بعد أيام حيضها ، لم يعتد به . نص عليه أحمد ... وإن رأتها فيما بعد العادة فهو كما لو رأت غيرها ... وإن طهرت ثم رأت كدرة أو صفرة ، لم يلتفت إليها " .
انتهى من " المغني " (1/241)
ويقول ابن تيمية رحمه الله :
" والصفرة والكدرة بعد الطهر لا يلتفت إليها . قال أحمد وغيره : لقول أم عطية : ( كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا ) [رواه أبوداود (رقم/307)] " .
انتهى من " الفتاوى الكبرى " (5/315)
وهذا يعني أن التمييز يعتمد على اللون الظاهر للعيان دون تكلف ، فالرطوبة أو الإفرازات العادية بيضاء وليست كريهة الرائحة ، أما الصفرة النجسة فالصفار فيها واضح .
وقد تكون رائحة رطوبة الفرج رائحة كريهة بسبب بعض الالتهابات أو البكتريا ، ولذلك لم نعتمد الرائحة الكريهة لتمييز الصفرة .
وفي هذه الحالة ننصحك أيضا بمراجعة الطبيبة المختصة ، فقد تكون الصفرة بعد الطهارة من الحيض علامة على التهابات أو مشاكل صحية داخلية ، لا بد من علاجها ومتابعتها .
وبهذا يتبين أن رطوبات الفرج لا تشتبه بالصفرة .
وللمزيد يرجى النظر في الفتاوى الآتية : (178430) ، (179069) ، (227150) .
والله أعلم .
تعليق