الحمد لله.
أولا :
نهى الشرع عن اقتناء الكلاب على وجه العموم ، ورخص فيما يحتاج الناس إليه ، كحراسة المزارع ، والصيد .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا ، إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ ، أَوْ صَيْدٍ ، أَوْ زَرْعٍ ، انْتَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ ) رواه البخاري (2322) ، ومسلم (1575) واللفظ له .
وعن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قال : " سَمِعْتُ أَبَا طَلْحَةَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةُ تَمَاثِيلَ ) " .
رواه البخاري (3225) ، ومسلم (2106) .
ويلحق بهذه الاستثناءات غيرها مما فيه حاجة ملحة ، كحراسة البيوت .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" وقد اتفق أصحابنا وغيرهم على أنه يحرم اقتناء الكلب لغير حاجة ، مثل أن يقتني كلبا إعجابا بصورته ، أو للمفاخرة به : فهذا حرام ، بلا خلاف .
وأما الحاجة التي يجوز الاقتناء لها : فقد ورد هذا الحديث بالترخيص لأحد ثلاثة أشياء ، وهي الزرع والماشية والصيد ، وهذا جائز بلا خلاف .
واختلف أصحابنا في اقتنائه لحراسة الدور والدروب ، وفي اقتناء الجرو ليُعَلَّم :
فمنهم من حرمه ، لأن الرخصة إنما وردت في الثلاثة المتقدمة .
ومنهم من أباحه ، وهو الأصح ؛ لأنه في معناها " .
انتهى من " شرح صحيح مسلم " (3 / 186) .
ثانيا :
نهى الشرع عن بيع الكلاب ، وحرم ثمنها .
فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ ، وَمَهْرِ البَغِيِّ ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ " رواه البخاري (2237) ، ومسلم (1567) .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" وأما النهي عن ثمن الكلب ، وكونه من شر الكسب ، وكونه خبيثا : فيدل على تحريم بيعه ، وأنه لا يصح بيعه ، ولا يحل ثمنه ، ولا قيمة على متلفه ، سواء كان معلما أم لا ، وسواء كان مما يجوز اقتناؤه أم لا ، وبهذا قال جماهير العلماء منهم أبو هريرة والحسن البصري وربيعة والأوزاعى والحكم وحماد والشافعى وأحمد وداود وابن المنذر وغيرهم " .
انتهى من " شرح صحيح مسلم " (10 / 232 – 233) .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" وقال ابن عمر : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب إلا كلب الصيد ، أو كلب غنم أو ماشية ، وقال عبد الله بن مغفل : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ، ثم قال : ما بالهم وبال الكلاب ؟ ثم رخص في كلب الصيد ، وكلب الغنم ) .
والحديثان في " الصحيح " .
فدل على أن الرخصة في كلب الصيد وكلب الغنم وقعت بعد الأمر بقتل الكلاب ، فالكلب الذي أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اقتنائه : هو الذي حرم ثمنه ، وأخبر أنه خبيث ، دون الكلب الذي أمر بقتله ، فإن المأمور بقتله غير مستبقى حتى تحتاج الأمة إلى بيان حكم ثمنه ، ولم تجر العادة ببيعه وشرائه ، بخلاف الكلب المأذون في اقتنائه ، فإن الحاجة داعية إلى بيان حكم ثمنه ، أولى من حاجتهم إلى بيان ما لم تجر عادتهم ببيعه ، بل قد أمروا بقتله .
ومما يبين هذا أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الأربعة التي تبذل فيها الأموال عادة ؛ لحرص النفوس عليها ، وهي ما تأخذه الزانية والكاهن والحجام وبائع الكلب ، فكيف يحمل هذا على كلب لم تجر العادة ببيعه ، وتخرج منه الكلاب التي إنما جرت العادة ببيعها ، هذا من الممتنع البيّن امتناعه ؟! " .
انتهى من " زاد المعاد " (5 / 701 – 702) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/36-37) :
" لا يجوز بيع الكلاب ، ولا يحل ثمنها ، سواء كانت كلاب حراسة أو صيد أو غير ذلك ؛ لما روى أبو مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ، ومهر البغي ، وحلوان الكاهن ) متفق على صحته .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد الله بن قعود ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .
تعليق