الحمد لله.
روى ابن عبد الحكم في "فتوح مصر والمغرب" (ص 31) من طريق إسرائيل، والبيهقي في "شعب الإيمان" (11/124) ، وابن عساكر في "التاريخ" (69/186) من طريق الثوري ، كلاهما عن أبى إسحاق ، عن حارثة بن مضرّب ، عن على بن أبى طالب رضي الله عنه : " أَنَّ سَارَةَ لَمَّا وهبَتْ هَاجَرَ لِإِبْرَاهِيمَ ، فَأَصَابَهَا ، غَارَتْ سَارَةُ ، فَحَلَفَتْ لَتغَيِّرَنَّ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ، فَخَشِيَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ تَقْطَعَ أُذُنَيْهَا ، أَوْ تَجْدَعَ أَنْفَهَا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَخْفِضَهَا ، وَتَثْقُبَ أُذُنَيْهَا " .
وأبو إسحاق كان قد اختلط
وتغير حفظه ، لكن سماع الثوري منه - وكذا إسرائيل - كان قبل الاختلاط ، إلا أنه كان
مدلسا ، وصمه بالتدليس حسين الكرابيسي ، وأبو جعفر الطبري ، وابن حبان ، وغيرهم .
انظر: "تهذيب التهذيب" (8/ 66) .
وحارثة بن مضرب ثقة ، وثقه ابن معين وغيره . انظر : "التهذيب" (2/167) .
فإن كان أبو إسحاق سمعه من حارثة فالإسناد صحيح .
وبعض أهل العلم يصحح حديث الثوري عن أبي إسحاق مطلقا ، وخاصة في روايته عن
التابعين، فإذا انضم إلى ذلك أن الخبر موقوف ليس مرفوعا فاحتمال ثبوته قوي.
إلا أن مقتضى أصول علم الحديث أن هذا الإسناد ضعيف ؛ لأن أبا إسحاق مدلس وقد عنعنه
.
وروى ابن عساكر في "تاريخه"
(69/ 187) من طريق الواقدي عن محمد بن صالح عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن
أبيه قال: " كانت سارة تحت إبراهيم خليل الرحمن ، فمكثت معه دهرا لا ترزق منه ولدا
، فلما رأت ذلك وهبت له هاجر أمة لها قبطية ، فولدت لإبراهيم إسماعيل عليهما السلام
، فغارت من ذلك سارة ، ووجدت في نفسها، وعتيت على هاجر، فحلفت أن تقطع منها ثلاثة
أشراف ، فقال لها إبراهيم: هل لك أن تبري يمينك ؟ ، قالت: كيف أصنع؟ قال: ( اثقبي
أذنيها واخفضيها )، والخفض هو الختان " .
وهذا إسناد واه ، الواقدي متروك متهم ، كذبه الشافعي ، وأحمد ، والنسائي ، وغيرهم ،
وقال إسحاق بن راهويه : هو عندي ممن يضع الحديث .
"تهذيب التهذيب" (9 /326) .
وقد ذكر هذه القصة غير واحد
من أهل العلم .
ينظر :
"التمهيد" لابن عبد البر (21/60) ، "تحفة المودود" لابن القيم (190) ، "البداية
والنهاية" لابن كثير (1/ 154) .
ولم يجزم أحد ممن ذكرها من أهل العلم ، فيما وقفنا عليه ، بثبوتها ، أو صحة إسنادها
.
ولم ينقل في ذلك شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والأثر المروي فيها عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : في إسناده مقال ، كما تقدم ،
مع أن في الاحتجاج به ، في مثل ذلك الأمر السابق : نظرا ، لا يخفى ، فالله أعلم
بحقيقة الحال .
وينظر السؤال رقم : (39686) .
والله أعلم .
تعليق