الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

بالغت الطبيبة في حفر السن فأفسدت العصب

242731

تاريخ النشر : 14-02-2019

المشاهدات : 8716

السؤال

ذهبت والدتي قبل شهرين إلى عيادة دكتورة أسنان ؛ لتقوم بعمل حشوة لأربعة أسنان لها ، أجرت لها الطبيبة حشو لأربعة أسنان في غضون نصف ساعة ، وعندما عادت والدتي للبيت ، وزال تأثير البنج بدأت تظهر مشاكل في أسنانها ، الواحد بعد الآخر ، وظلت تتردد على هذه الدكتورة لمدة ثلاثة أيام أو أكثر ، وليس هنالك أي حل ، وكلما قامت هذه الطبيبة بفحص سن لها ، أو تصحيح الأخطاء تأخذ نفس المبلغ الذي أخذته أول مرة عن كل سن عالجته ، فأصبحت أمي مدينة لها بمبلغ 10 الآف دينار ، وعندما ذهبت أمي لدكتور آخر قام بحفر الحشوة ، فوجد في كل سن ثقبا أو ثقبين ، فهل يجب على والدتي سداد دينها لهذه الطبيبة أم لا ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الطبيب إذا جنت يده : ضمن ، ولو كان ماهرا، لكن لا إثم عليه حينئذ ، فإن كان غير ماهر: أثم ، وضمن.

قال ابن قدامة رحمه الله: " فأما إن كان حاذقا وجنت يده ، مثل أن تجاوز قطع الختان إلى الحشفة ، أو إلى بعضها ، أو قطع في غير محل القطع ، أو يقطع السلعة من إنسان ، فيتجاوزها ، أو يقطع بآلة كالة يكثر ألمها ، أو في وقت لا يصلح القطع فيه ، وأشباه هذا ضمن فيه كله ؛ لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ ، فأشبه إتلاف المال . ولأن هذا فعل محرم ، فيضمن سِرايته ، كالقطع ابتداء .

وكذلك الحكم في البَزَّاغ [وهو الحجام ، والبيطار] ، والقاطع في القصاص وقاطع يد السارق وهذا مذهب الشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا " انتهى من "المغني" (6/133) .

وينظر في حالات ضمان الطبيب: سؤال رقم : (114047) ، ومنها : الطبيب إذا أخطأ في وصف الدواء ، فأتلف عضوا أو نفسا.

ثانيا:

الظاهر من سؤالك : أن الطبيبة أخطأت فيما صنعته، وخطؤها يحتمل وجهين:

الأول: أن السن لم تكن بحاجة إلى حفر يصل إلى كشف العصب ويحدث ما سميته بالثقب، وهذا الحفر الزائد يؤدي إلى إفساد العصب، وزيادة الكلفة في وضع الحشو الخاص بذلك ، ثم وضع الحماية فيما بعد على ظاهر السن.

الثاني: أن تكون السن بحاجة إلى مثل هذا الحفر، لكن أخطأت في وضع الحشو على العصب مباشرة، أو أخطأت في وضع حشوة (عادية) لا تستعمل عند تضرر العصب.

وعلى أية حال ؛ فإن مرجع ذلك إلى أهل الخبرة، فينبغي أن يعرض الأمر على طبيبين ثقتين ، ليقررا وجه خطأ الطبيبة ، وهل تعدّت فأفسدت السن ، أو أخطأت في وضع الدواء المناسب.

ويترتب على ذلك تضمينها ما أتلفت ، أو تحميلها أجرة علاج ما أفسدت، وذلك بتقدير أهل الخبرة من الأطباء أيضا.

والسن إذا أزيلت بالكلية خطأ : ففيها خمس من الإبل .

لكن إذا لم تزل ولكن فسد أصلها، ففيها حكومة عدل، وهو تقدير أهل الخبرة.

وأما أجرة الطبيبة، فإن كانت لم تعالج السن ، بل أفسدتها، فإنها لا تستحق أجرة.

قال الدكتور هويمل عوجان في بحثه "ضمان الطبيب في الشريعة الإسلامية والقانون":

" إذا أخطأ الطبيب أثناء ممارسة ومزاولة مهنته، وأدى خطؤه إلى إضرار بالمريض، فإنه لا يستحق الأجرة الناتجة عن العقد الطبي ، بل يُستعاد منه ما أخذه من المريض، لأن ما قام به لم يحقق النفع للمريض .

إضافة إلى ذلك ، فإنه يتحمل النفقات الطبية الأخرى الناتجة عن محاولة إزالة الأضرار التي يعرض لها المريض.

والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا ضرر ولا ضرار" ، وهذه قاعدة من قواعد الشريعة العامة، لأن من أحدث ضررا، يتعين عليه تحمل تبعاته ونتائجه ، فالنبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن مقابلة الضرر بمثله، وبالتالي فإن التدبير السديد يكون بالتضمين عن الضرر.

جاء في الدر المختار: "للمجني عليه أن يرجع على الجاني بما أنفقه من ثمن الدواء وأجرة الأطباء"" انتهى.

وينبغي أن يُعلم أن مسائل المنازاعات : لا تكفي فيها الفتوى، إذا يلزم سماع الطرفين ، والوقوف على حقيقة الأمر، فلعلك تشافه بمسألتك أهل العلم في بلدك ، بعد الحصول على تقرير الطبيبين.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب