الحمد لله.
أولا:
لا شك في حرمة ما قمت به من التسجيل ببيانات الأشخاص دون علمهم ، وما ترتب على ذلك من تغريمهم المال ، وأخذك الربح ، فقد جمعت بين الجناية على غيرك وإلحاق الضرر به ، مع أكلك المال بالباطل ، والحمد لله الذي وفقك للتوبة والإقلاع عن هذه الآثام .
ومن دخل بلاد الكفار بأمان- ومنه تأشيرة الدخول- حرم عليه الغدر والخيانة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/237) :
" مسألة ؛ قال : من دخل إلى أرض العدو بأمان ، لم يخنهم في مالهم ، ولم يعاملهم بالربا،
أما تحريم الربا في دار الحرب ، فقد ذكرناه في الربا ، مع أن قول الله تعالى : ( وحرم الربا ) ، وسائر الآيات والأخبار الدالة على تحريم الربا : عامة ؛ تتناول الربا في كل مكان وزمان .
وأما خيانتهم : فمحرمة ؛ لأنهم إنما أعطوه الأمان ، مشروطا بتركه خيانتهم .
وأمنه إياهم من نفسه ، وإن لم يكن ذلك مذكورا في اللفظ ؛ فهو معلوم في المعنى .
ولذلك : من جاءنا منهم بأمان ، فخاننا : كان ناقضا لعهده .
فإذا ثبت هذا ، لم تحل له خيانتهم ؛ لأنه غدر ، ولا يصلح في ديننا الغدر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون عند شروطهم ) .
فإن خانهم ، أو سرق منهم ، أو اقترض شيئا : وجب عليه رد ما أخذ إلى أربابه .
فإن جاء أربابه إلى دار الإسلام بأمان ، أو إيمان : رده عليهم , وإلا بعث به إليهم ؛ لأنه أخذه على وجه حرم عليه أخذه ، فلزمه رد ما أخذ ، كما لو أخذه من مال مسلم " انتهى .
وقال في "الدر المختار" مع حاشية ابن عابدين (4/166) : " باب المستأمن ، أي الطالب للأمان ، هو من يدخل دار غيره بأمان ، مسلما كان أو حربيا :
دخل مسلم دار الحرب بأمان : حرُم تعرضه لشيء من دم ومال وفرْج منهم ؛ إذ المسلمون عند شروطهم " انتهى .
وينظر : " الموسوعة الفقهية " (20/190)، (31/144) ، وفيها حكاية الاتفاق على تحريم الغدر والخيانة ممن دخل دار الحرب بأمان .
وانظر: سؤال رقم : (14367) ، (7545) ، (10925) .
وإذا كنت أخذت هذه البيانات من أصحابها ، لما بينكما من علاقة ، فقد ائتمنوك على هذه البيانات ، فلا يجوز لك أن تستعملها إلا فيما يأذن به أصحابها ، واستعمالك لها بهذه الطريقة التي ذكرتها فيه خيانة لهؤلاء الأشخاص .
ثانيا:
الواجب رد الأموال إلى أصحابها، والاجتهاد في ذلك، ولا يلزمك إعلامهم بما جرى ، بل يكفي إيصال المال إليهم بأي وسيلة ، فإن عجزت عن ذلك ، فإنك تتصدق بها عنهم .
وما وضعته في ثمن الأرض يلزمك بدله، وبهذا يحل لك الانتفاع بها؛ لتعلق الحرمة بالذمة ، لا بعين المال الحرام .
وذكر في " التاج والإكليل" أن من اشترى شيئا بدراهم أو دنانير مغصوبة ، فالعقد صحيح ، ويلزمه بدل هذه الدنانير لصاحبها ، فقال (5/34، 35): " لأن الدنانير والدراهم لا تتعين، وإذا قام عليه صاحبها اتبعه بها ، ولا ينقض البيع .
قال ابن أبي زيد: من قول مالك وأهل المدينة : أن من بيده مال حرام ، فاشترى ربه دارا أو ثوبا ، من غير أن يُكره على البيع أحدا : فلا بأس أن تشتري أنت تلك الدار أو الثوب من الذي اشتراه بالمال الحرام" انتهى.
ومعنى "أن الدنانير لا تتعين" أن البائع إنما يبيع ملكه بأي دنانير ، ولا يعنيه أن يبيعها بهذه الدنانير المعينة التي بأيدي المشتري ، ولو طلب البائع من المشتري أن يعطيه دينارا معينا لم يلزمه ذلك ، بل له أن يعطيه أي دينار ، لأن الدنانير كلها سواء لا فرق بينها .
والله أعلم.
تعليق