الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

يطلب النصيحة في التعامل مع أخيه المشكك في الإسلام

243208

تاريخ النشر : 16-11-2016

المشاهدات : 6671

السؤال


ترك أخي الأكبر ـ الذي يبلغ من العمر 21 سنة ـ الدراسة قبل أربع سنوات ، وكان مواظبًا على صلاته ودينه ، ولكن منذ أربع سنوات تغير، ولم يعد يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم ، ولكنه يؤمن فقط بوجود الله عز وجل ، وقد جعلته يشاهد الكثير من المحاضرات، ويقرأ الكثير من الأدلة العلمية التي تثبت أن القرآن هو كلام الله ، ولكنه لا يزال ينكر كل ذلك ، بالرغم من كل هذه الأدلة ، وهو يقول : إنه يكره الإسلام، حيث لا يرى من الممكن أن يؤمن بدين يسمح بالختان ، فهو ينكر فوائد الختان الصحية ، وعندما أريه الدراسات العلمية التي تثبت فوائد الختان يجلب دراسات مضادة تثبت عكس ذلك ، وهو لا يستمع لي أو لأبي وأمي ، مع العلم أننا عائلة متدينة ، وقد جربنا معه كل شيء، ولكن دون فائدة ، فما العمل؟

الجواب

الحمد لله.


في الوقت الذي يؤسفنا أن نسمع فيه هذه الأخبار، عن شباب يضلون الطريق، ويتيهون في بيداء الاضطراب الفكري والقلق النفسي، فإننا أيضا نتوقع مثل هذه الآفات أن تصيب شباب المسلمين، وتؤثر في بعض معتقداتهم، خاصة مع زمان التواصل الاجتماعي السريع، والتفجر المعرفي، وكسر جميع أبواب المحظورات والمحرمات، فلم يعد الحياد والنأي بالنفس وسيلة ناجعة للعلاج، بل لا بد من المشاركة الفاعلة والمؤثرة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هؤلاء القلة من الشباب التائه، الذين تخطفتهم الشياطين .
ويكون ذلك عبر مجموعة من النصائح، نوجزها فيما يلي:
أولا:
استمرار بذل النصح والإرشاد، والمثابرة في الحوار وجمع المعلومات المقنعة، والأبحاث المفيدة فيما يستشكله ويطرحه كل متشكك ، وعدم اليأس أو القنوط من بلوغ نتيجة معه، فرب كلمة خرجت اتفاقا ، أثرت فيه ما شاء الله لها أن تؤثر، ورب خاطرة أو موقف أو محاولة معه أثمرت نتيجة لم تكن متوقعة.
وإذا استحضرنا جهود أهل الإفساد الذين يزرعون في نفوس الناشئة تلك الأفكار المغلوطة، وتضحياتهم في سبيل نشر الغواية والضلالة، علمنا أن مسؤوليتنا – ونحن أهل الحق والعدل – كبيرة وجليلة، وذلك لمقابلة تلك الآلة المبطلة الضخمة ، بنور الحق والإيمان والهدى، فلا فتور ولا كسل مع رسالتنا العظيمة، رسالة الإسلام الحق، والدين العدل. قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل/ 125 ، وقال سبحانه: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) يوسف/ 108 .

ثانيا:
الاستفادة من أبحاث الإعجاز العلمي المحررة المتقنة، التي تعتمد المنهج العلمي في البحث، وتشرف عليها الهيئات المختصة، ومنها ما تنشره "الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة" ، ففيه جهود مباركة ومتقنة، وعلى بعضه مؤاخذات وملاحظات، ولكنه في المجمل قطاع مهم جدا، يمكن الإفادة منه في الحوار المقنع مع المترددين أو الطاعنين في الإسلام.

ثالثا:
التذكير بقصص إسلام المشاهير من الأطباء والفلكيين والباحثين عبر العالم، أو حتى دفاعهم عن الإسلام، وهم كثر والحمد لله ، يمكن أن يكون للتذكير بهم ، والقراءة في مقالاتهم ومشاهدة مقاطع الفيديو المتعلقة بحديثهم عن الإسلام وعظمته أثر كبير في نفوس الناشئة ، تحصينا لهم عن طرق التيه والضلال، أو زجرا لهم عما سلكوه من شبهات الكفر والإلحاد، فالشاب في مثل هذه السن كثيرا ما يزهد بالعلماء من بني جنسه ودينه ، ويستصغر في نظرته إلى تراثه وتاريخه وحضارته، ويتعلق قلبه برموز من الشرق أو الغرب ، ويتشوف عقله لكل ما يقوله هؤلاء ولو بلغ حد التناقض، وحينئذ سيكون سلاح المسلمين من علماء الغرب سلاحا فعالا في التأثير والإقناع بإذن الله .

رابعا:
عدم التكاسل في الجواب على جميع الشبهات التي يعرضها أخوكم، والاجتهاد في البحث عن إجابات مقنعة ، والاستعانة ـ قدر طاقتكم ـ بأهل العلم من جميع التخصصات في هذا الاتجاه، فالجواب على الشبهات التي علقت في ذلك ، إما أن يزيلها ، أو يضعفها ، على أقل تقدير .
وسيخلق في نفسه وقلبه تيارا معاكسا لاندفاع الإلحاد الذي يتجه إليه ، فيرجى من مثل هذا الصراع الداخلي أن يثمر يوما ما هداية وسكينة تجاه دين الإسلام.

خامسا:
الاجتهاد في بذل المزيد من الإحسان إليه، والتلطف معه ، وإظهار العطف والعناية والرعاية له، كي لا يستأثر الشيطان به ، ولا يستشعر الأنفة والكبر في قلبه وعقله، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يظهر أعظم الرحمة والشفقة في دعوته لأهل مكة ، حتى يستيقن المدعو أن الباعث على دعوة الداعي ليست مصلحة دنيوية ، ولا رغبة في التعالم والتعالي ، وإنما هو الحب والحرص على النجاة بين يدي الله تعالى ، الأمر الذي سيؤثر ولا شك في نفس المدعو حرصا مقابلا، وثقة بكلام الداعي وطرحه .

وليس يظهر لنا أن الشدة والغلظة ، مع مثل هذا ، في مثل سنه ، وفي مثل زماننا ، وما يعانيه أهل الدين ، من الغربة ، وضعف السلطان ، في غير بلاد المسلمين ، خاصة ، ليس يظهر لنا أن الشدة والغلظة ، والهجر الشرعي ، مما يجدي معه نفعا مع هذا الشاب وأمثاله ، وإن كان ذلك مشروعا في أصله معه ، بل وفوق ذلك من وسائل التأديب والتعزير الشرعي، ؛ لكننا لا نرى أن المصلحة والسياسة الشرعية مما يقوي جانب ذلك ، ويختاره .

سادسا:
التفتيش عن أصدقاء السوء الذين يتوقع تأثيرهم على أخيكم، ومواجهتهم بالتحذير والإنذار، وكشف مساوئهم لأخيكم ، لعله يرتدع عن صحبتهم وصداقتهم، فالغالب أن المؤثر الأول في مثل هذه الحالات هم أصدقاء السوء، الذين لا يرقبون الله تعالى في صحبتهم، ولا يطلبون سوى الفساد والإفساد، ولا يجد منهم من يقترب منهم إلا كل خبيث وسيء.
وسواء ترك أخوكم صحبتهم، أو لم يستجب لطلبكم، فلا بد من الاستمرار في التنفير عنهم، واستغلال أي موقف يصدر عنهم فيه إساءة أو تقصير تجاه أخيكم، لإقناعه بسوء صحبتهم، وبؤس أخلاقهم، كي تتسلل القناعة إلى قلبه شيئا فشيئا بضرورة تباعده عنهم، واجتناب ماضيه معهم، وطي صفحة الهرطقات التي يتفوه بها عن دينه وأمته.
نسأل الله تعالى لأخيكم الهداية، ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب