الحمد لله.
شأن الإمامة في الصلاة عظيم ، وهذا مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومقام خلفائه الراشدين المهديين رضي الله عنهم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الْإِمَامُ ضَامِنٌ ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ ، اللَّهُمَّ أَرْشِدْ الْأَئِمَّةَ ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ ) .
رواه أبو داود (517) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال بدر الدين العيني رحمه الله :
" أصل الضمان : الرعاية والحفظ ؛ لأنه يحفظ على القوم صلاتهم .
وقيل : لأنه يتحمل القراءة عنهم ، ويتحمل القيامَ إذا أدركه راكعًا .
وقيل : صلاة المقتدين به في عهدته ، وصحتها مقرونة بصحة صلاته ؛ فهو كالمتكفل لهم صحة صلاتهم .
وقيل : ضمان الدعاء يعمّهم به ، ولا يختص بذلك دونهم " .
انتهى من " شرح سنن أبي داود " (2/468) .
ويؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته .
فالإمامة مسئولية عظيمة ، لا يتولاها إلا أهلها .
على أن الأمر يحتاج إلى فقه ، وميزان
شرعي معتدل ، فليس من العقل ، ولا من الشرع في شيء ، أن يتعاظم جانب الخوف من
الإمامة ، حتى تتعطل هذه الشعيرة العظيمة ، أو يتصدى لها من ليس أهلا لها .
فإن كنت أقرأ الموجودين ، وأصلحهم للإمامة ، بحسب ظاهر الشرع : فينبغي لك أن تتقدم
لها ، وتؤم الناس ، وتجتهد في إقامة الصلاة فيهم ، على الوجه الشرعي ، بحسب
استطاعتك ، وتجاهد نفسك ، ونيتك ، وقلبك في ذلك كله .
وهذه الرهبة التي تشعر بها ، توشك أن تزول مع مرور الوقت ، واعتياد الصلاة بالناس .
ولكن إذا كان يصيبك شيء من الرياء وتحب الإمامة والتقدم على الناس – كما ذكرت – فإننا ننصحك بترك إمامة الناس في الصلاة ، واجتهد في حفظ القرآن الكريم وتعلمه ، وتعلم العلوم الشرعية ، واهتم بتزكية نفسك بالإخلاص لله تعالى ومعالجة الرياء ، ثم بعد ذلك لا مانع أن تتقدم لإمامة الناس في الصلاة .
ومثل ذلك : لو كان في الناس من هو أهل
للإمامة ، وأنت بهذه الحال ، فدع له ذلك المقام ، وجاهد أنت نفسك على إصلاحها ،
واجتهد في أن تحافظ على الجماعة مع الإمام ؛ فيكتب لك أجرها ، ويحمل عنك همها ،
وخطرها ، وسهوها .
وأولى من ذلك : أن يكون في الناس من هو أولى منك بالإمامة ، فهنا يتأكد في حقك ـ من
كل وجه ـ : أن تتأخر عن ذلك المقام .
والله أعلم .
تعليق