الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم قصر الصلاة بالنسبة لعمال السفن

243800

تاريخ النشر : 15-07-2016

المشاهدات : 16731

السؤال


أنا شغال علي سفينه بين مصر والسعوديه بنعمل 3 رحلات للسعوديه في الاسبوع بنتحرك من مصر مثلا فجر الاربعاء و ناخد 8 ساعات في الطريق و نقعد في السعوديه 7 ساعات تقريبا وبعدين نرجع في 8 ساعات علي فجر الخميس ونقعد الخميس كله الصبح في مصر ونتحرك بالليل نعمل رحله ثانية للسعوديه علي الفجر برضو وهكذا طول الاسبوع وطبعا انا وكل الطقم مقيمين اقامه كامله في السفينه ونظام الاجازات كل شهرين او ثلاثة اقدر انزل شهر او اقل ارجع فيها بيتي عايز أعرف نظام الصلاه يكون قصر ولا عادي ولو قصر فهل نقصر في الطريق واحنا رايحيين السعوديه وواحنا راجعين بس ولا واحنا واقفين كمان في مصر او السعوديه مع العلم ان طبعا احنا مبنكملش ال 3 ايام لما نكون في مصر او السعوديه ومع العلم برضو ان المسافه ال بنسافرها بين البلدين 93 ميل بحري يعني تقريبا 150 كيلو وعايز اوضح كمان ان دي حياتنا يعني مش مجرد فتره وخلاص يعني لو هنصلي قصر هنفضل طول عمرنا نصلي قصر طول ما احنا في الشغل فا يا ريت تقولي اجابه تفصيليه خاصه بحالتنا عشان الفتوي دي هعلقها في مسجد السفينه وهيستفيد بيها الطقم كله

الجواب

الحمد لله.


جعل الشرع قصر الصلاة متعلقا بوجود صفة السفر .
قال الله تعالى :
( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) النساء (101) .
وعَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهَا قَالَتْ: ( فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ ) رواه البخاري (3935) ومسلم (685) واللفظ له .

وعلى هذا اتفق أهل العلم .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" يجوز القصر في السفر ، في الظهر والعصر والعشاء ، ولا يجوز في الصبح والمغرب ، ولا في الحضر وهذا كله مجمع عليه " انتهى من " المجموع " (4 / 322) .

والعاملون في السفن التابعة لشركات نقل المسافرين أو البضائع في هذا العصر ، ما دام لهم أماكن إقامة في البر - في المدن أو القرى - فيها عائلاتهم وزوجاتهم وأولادهم يأوون إليها حال انتهاء عملهم وفي أيام العطل وأوقات الراحة ، ففي وقت عملهم في السفن هم مسافرون في عرف جميع الناس ، فيكونون بهذا ممن يسن لهم قصر الصلاة ، لتحقق صفة السفر فيهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"ويفطر من عادته السفر ، إذا كان له بلد يأوي إليه. كالتاجر الجلاب الذي يجلب الطعام وغيره من السلع ، وكالمُكاري الذي يكري دوابه من الجلاب ، وغيرهم. وكالبريد الذي يسافر في مصالح المسلمين ونحوهم. وكذلك الملاح الذي له مكان في البر يسكنه.

فأما من كان معه في السفينة امرأته ، وجميع مصالحه ، ولا يزال مسافرا : فهذا لا يقصر ، ولا يفطر.
وأهل البادية: كأعراب العرب والأكراد والترك وغيرهم ، الذين يشتون في مكان ، ويصيفون في مكان : إذا كانوا في حال ظعنهم من المشتى إلى المصيف ، ومن المصيف إلى المشتى : فإنهم يقصرون.
وأما إذا نزلوا بمشتاهم ومصيفهم : لم يفطروا ، ولم يقصروا. وإن كانوا يتتبعون المراعي . والله أعلم." انتهى، من "مجموع الفتاوى" (25/213) .

ثانيا :
طول مدة السفر وتتابعه لا يسقط سنة قصر الصلاة ؛ لأنها سنة ربطت بوجود صفة السفر ، فمتى وجد السفر ، سن القصر ولو استمر السفر سنوات ؛ ما دام أنه لم ينو الإقامة في هذا المكان ؛ فإذا نوى الإقامة : أتم صلاته .
قال الترمذي رحمه الله تعالى :
" أجمع أهل العلم على أن المسافر يقصر ، ما لم يُجْمِع إقامة ، وإن أتى عليه سنون " انتهى من " سنن الترمذي " (2 / 434) .
وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى :
" لا أعلم خلافا فيمن سافر سفرا يقصر فيه الصلاة : لا يلزمه أن يتم في سفره إلا أن ينوي الإقامة في مكان من سفره ويجمع نيته على ذلك " انتهى من " الإستذكار " (2 / 242) .

وهذه حال عمال السفن ، الذين لهم منازل يأوون إليها ، إذا خرجوا من البر ، كما سبق في كلام شيخ الإسلام ؛ فإنهم يقصرون الصلاة ، ما داموا مسافرين عن بلد إقامتهم ، مهما طالت مدة سفرهم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" لو كان أهله – أي ملّاح السفينة - في بلد : فإنه مسافر ولو طالت مدته في السفر ...
فمثلاً : إذا كان ملاحاً في سفينة وأهله في جدة ، لكنه يروح يجوب البحار كالمحيط الهندي والهادي ، ويأتي بعد شهر أو شهرين إلى جدة فهذا مسافر ؛ لأنه ليس معه أهل ، بل له بلد يأوي إليه .
وكذلك أيضاً : لو فرض أن الملاح ينوي الإِقامة في بلد ، فهذا نقول له : إنك مسافر إذا فارقته ، لأن لك بلداً معيناً عيّنته للإِقامة .
ومثل ذلك أصحاب سيارات الأجرة الذين دائماً في البر ؛ نقول : ... إن كان لهم أهل في بلد ، فإنهم إذا غادروا بلد أهلهم فهم مسافرون ، يفطرون ويقصرون .
وكذلك لو لم يكن لهم أهل لكنهم ينوون الإِقامة في بلد ، يعتبرونه مثواهم ومأواهم ؛ فهم مسافرون حتى يرجعوا إلى البلد الذي نووا أنه مأواهم " انتهى من " الشرح الممتع " (4 / 380) .

والحاصل مما سبق : 

أنكم تقصرون الصلاة حال سير السفينة ، وحال نزولكم بالسعودية ، لأنكم لا تنوون  الإقامة بها. أما في نزولكم مصر : فإن كان الميناء غير متصل بمدينة إقامتكم وسكنكم ، فإنكم في حكم المسافر ، ولكم القصر .

وإن كان الميناء متصلا بمدينة سكنكم : فإنكم تكملون الصلاة أربعاً ، متى وصلتم إلى الميناء ؛ لانقطاع حكم السفر بالرجوع إلى وطن السكن والإقامة .

جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (27 / 286) :

" إذا دخل المسافر وطنه : زال حكم السفر ، وتغير فرضه بصيرورته مقيما، وسواء دخل وطنه للإقامة ، أو للاجتياز ، أو لقضاء حاجة ، أو ألجأته الريح إلى دخوله  ... " انتهى . 

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب