الحمد لله.
أولا:
مؤخر الصداق ، إن حُدد له أجل فهو كما حُدد ، وإن لم يحدد له أجل ، فيكون أجله أحد أمرين : إما موت أحد الزوجين ، وإما حصول الفرقة .
قال ابن قدامة رحمه الله: " ويجوز أن يكون الصداق معجلا ومؤجلا، وبعضه معجلا وبعضه مؤجلا؛ لأنه عوض في معاوضة ، فجاز ذلك فيه ، كالثمن .
ثم إن أطلق ذكره ، اقتضى الحلول ، كما لو أطلق ذكر الثمن .
وإن شرطه مؤجلا إلى وقت ، فهو إلى أجله.
وإن أجله ولم يذكر أجله: فقال القاضي : المهر صحيح ، ومحله الفرقة ، فإن أحمد قال : إذا تزوج على العاجل والآجل، لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة، وهذا قول النخعي والشعبي.
وقال الحسن وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة والثوري وأبو عبيد : يبطل الآجل ويكون حالًّا... ووجه القول الأول أن المُطْلَق يحمل على العرف، والعادة في الصداق الآجل ترك المطالبة به إلى حين الفرقة، فحمل عليه" انتهى من "المغني" (/22).
وإذا كنت قد طلقت زوجتك بعد
الدخول أو الخلوة، فقد استحقت كامل المهر، ومنه المؤخر.
فإن كان الطلاق قبل الدخول والخلوة، فلها نصف المهر.
وما دام أنكما اتفقتما على المؤخر عند النكاح، فهذا هو المعتبر، فلا ينقضه الاتفاق
الشفوي بعد ذلك.
فالظاهر من السؤال أنكما عند النكاح لم تحددا أجلا لمؤخر الصداق، فعلى هذا لا
تستحقه الزوجة إلا بالفراق أو الموت، فإذا طلقتها ، كان لها هذا المؤخر.
وما اتفقتما عليه بعد ذلك لا عبرة به، أعني اتفاقكما على أن يصبح المؤخر نافذا إذا
تم العقد القانوي، سواء كان مرادكما أنها لا تستحقه بتاتا إلا بذلك، أو كان مرادكما
أن لها أخذه في هذا الأجل ، فلا عبرة بهذا الاتفاق الشفهي المتأخر بعد النكاح ، فقد
تم النكاح على مؤخر غير محدد الأجل ، فتستحقه بالفرقة.
ثانيا:
قولك إن مؤخر الصداق هو 25% من إرثك، إن كان المقصود به أن لها هذه النسبة من إرث
معلوم لكما عند العقد ، كأن تكون قد ورثته عن أبيك مثلا، فلا جهالة حينئذ.
وإن كانت من إرث غير معلوم، كأن يكون مرادكما أن مؤخرها هو 25% مما تتركه أنت عند موتك ، أو مما ترثه أنت عند افتراقكما : كان المؤخر مجهولا، فلا يصح، ولها مهر المثل.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله في "الشرح الممتع" (13/266-267) :
" والمهم أن هذه القاعدة مفيدة جداً، فكلما بطل المسمى وجب مهر المثل ، فلو أصدقها
شيئاً مجهولاً، أو عبداً آبقاً، أو ما أشبه ذلك : فلا يصح، ولها مهر المثل .
والدليل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ في امرأة عقد عليها زوجها
ثم مات ولم يسمِّ لها صداقاً، فقال: لها مهر مثلها ، وإذا سمى شيئاً لا يجوز شرعاً،
فهذه التسمية وجودها كالعدم، فكأنه لم يسم لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم : (كل
شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) ، فإذا بطل وجب مهر المثل" انتهى .
وعلى فرض أن المهر كان من
جزئين: معلوم ومجهول، فإنها تأخذ مهر المثل، بشرط ألا يقل عن الجزء المعلوم.
قال الشيخ عبد الوهاب خلاف رحمه الله : "ولو تزوجها على مائة جنيه ودار، أي: على
معلوم ومجهول : فلها مهر مثلها ، لا ينقص عن مائة جنيه؛ لأنه رضي بأدائها" .
انتهى من "أحكام الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية"، ص81 .
والله أعلم .
تعليق