الحمد لله.
أولا:
الأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه ، فإن خرجت دون إذنه ، كانت عاصية ناشزا ، تسقط نفقتها – مالم تكن حاملا- وتأثم بذلك .
لكن يستثنى حالات الاضطرار ، وقد مثّل لها الفقهاء بأمثلة ، منها إذا خرجت لشراء ما لا بد منه ، أو خافت من انهدام المنزل ، أو ذهبت للقاضي أو المفتي .
قال في "تحفة المحتاج" (8/326): " والخروج من بيته ، أي: من المحل الذي رضي بإقامتها فيه ، ولو ببيتها ، أو بيت أبيها كما هو ظاهر، ولو لعبادة ، وإن كان غائبا ، بلا إذن منه ، ولا ظن رضاه : عصيان ونشوز ؛ إلا أن يشرف البيت ، أو بعضه الذي يخشى منه ، على انهدام ، أو تخاف على نفسها، أو مالها كما هو ظاهر ، من فاسق ، أو سارق... أو تحتاج للخروج لقاض لطلب حقها، أو الخروج لتعلم، أو استفتاء" انتهى.
وينظر: "أسنى المطالب مع حاشيته" (3/239).
وقال في "مطالب أولي النهى"
(5/271) : " ويحرم خروج الزوجة : بلا إذن الزوج ، أو بلا ضرورة ، كإتيانٍ بنحو مأكل
؛ لعدم من يأتيها به " انتهى .
ثانيا:
خروج الزوجة من بيت زوجها، لا يترتب عليه فسخ ولا طلاق، ولو طالت مدة الخروج لسنوات،
فلا أثر لذلك على عصمة الزوجية ، وإنما تزول العصمة بالطلاق أو بالفسخ من الزوج أو
من القاضي الشرعي.
وحينئذ ، فما زالت عصمة الزواج في يدك ، وبإمكانك محاولة جمع شمل الأسرة مرة أخرى ،
والبدء معها من جديد .
ولك أن تمتنع من الطلاق ، ولو طلبته هي ، حرصا على لم شمل الأسرة ، وحفاظا على
الأولاد من الضياع .
والواجب على الزوجين مراعاة الحقوق، وإحسان العشرة ، والحرص على التفاهم ، لا سيما
إذا كان بينهما أولاد ، حرصا على مصلحتهم، وانظر للفائدة: السؤال رقم : (82550)
.
كما ينبغي الاستعانة بأهل الفضل من أهل الزوج والزوجة للإصلاح وإزالة الشقاق ، وقد
قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ
وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النساء/35 .
وقد أخطأت زوجتك بالتعدي عليك بالسب والإهانة ، وبالخروج من البيت بلا إذن ، وأخطأت أنت في كلامك الذي قد يفهم منه التهديد بالقتل ، ولكن إذا صدقت نيتكما في الإصلاح فإن جميع الأخطاء يمكن معالجتها، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.
وقد ذكرت أن مشاكلك مع زوجتك
كثيرة ، وكثرة المشاكل والنزاعات المستمرة بين الزوجين قد تفقدهما صوابهما ، وتؤثر
على تفكيرهما وتصرفاتهما ، فيزداد الخطأ ويكثر النزاع .
ولذلك ، فالنصيحة لك بعد أن تبحث عنهم وتصل إليهم أن تتفاهم مع زوجتك وتحرصا على
اجتماع الأسرة ، ولن يكون ذلك إلا بالتغاضي عن بعض ما يفعله الطرف الآخر ، وعدم
إثارة النزاع على كل تصرف يقوم به الآخر .
وليحرص كل منكما على إصلاح نفسه وعدم فعل ما يغضب الطرف الآخر أو يثيره .
وفق الله الجميع لما يحب
ويرضى.
والله أعلم.
تعليق