الحمد لله.
يفرق في الأحكام الشرعية جميعها بين حالين للمسحور ؛ فمن غلب السحر على عقله فسلبه الإرادة والاختيار : فهذا غير مكلف أصلا .
وأما من لم يصل إلى هذه الدرجة ، وكان السحر يؤثر عليه بنوع من الحزن أو الكآبة ، أو يجعله بحيث لا يقدر على إتيان زوجته ونحو ذلك من أعراض السحر المعروفة ، لكن مع بقاء عقله وتفكيره واختياره : فهذا مكلف .
تنظر الفتوى رقم : (217591) .
وعلى ذلك فالنوع الأول ، وهو المسحور الذي فقد عقله : حكمه حكم المجنون ، لا تكليف عليه ، ولا تصح إمامته ؛ لأن من شرط الإمامة العقل ؛ " فلا تصح إمامة المجنون " .
يُنظر : " الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني " (1 / 205).
وقد علل الفقهاء ذلك بأن "
المجنون لا تصح منه نية ، وحينئذ : فيعيد من ائتم به أبدا" .
انتهى من " الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي " (1 / 326).
ولكن هذا المسحور لو كانت له
أوقات يفيق فيها من أثر السحر فلا بأس بإمامته في أوقات إفاقته ، قياسا على ما ذكره
الفقهاء رحمهم الله تعالى من أنه "لا بأس بإمامة المجنون حال إفاقته" انتهى من "
الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي " (1 / 326).
لكن بشرط أن يحسن قراءة الفاتحة ، وإقامة الصلاة : حال إفاقته .
فإن كان لا يحسن أن يقيم الفاتحة ، كما جاء في السؤال ، على وجه الدوام : فلا تصح
إمامته لغيره مطلقا .
وينظر جواب السؤال رقم : (194317).
وأما النوع الثاني ، وهو
المسحور الذي لم يؤثر السحر على عقله ولا إدراكه : فلا حرج في إمامته ، إذا استوفى
شروط الإمامة الأخرى .
ويراجع صفات أحق الناس بالإمامة في الفتوى رقم : (20219).
وإنما قلنا ذلك لأن القاعدة
أن "من صحت صلاته صحت إمامته" انتهى من " سبل السلام " (1 / 373) ، " عون المعبود
وحاشية ابن القيم " (2 / 214). وبعض الفقهاء يعبر عن هذه القاعدة بلفظ
"من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره" انتهى من " نيل الأوطار " (2 / 31).
والله أعلم.
تعليق