الحمد لله.
أولاً :
اختلف أهل العلم رحمهم الله في تحديد أكثر مدة الحيض ، والذي عليه جمهور العلماء : أن أكثر مدة للحيض ( 15 ) يوماً ، وما زاد عن خمسة عشر يوماً ، فهو دم استحاضة .
وقد استدل الجمهور على ذلك : بالعادة ، فالعادة أن المرأة لا يزيد حيضها على خمسة عشر يوماً .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وَلَنَا أَنَّهُ وَرَدَ [يعني : الحيض] فِي الشَّرْعِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ ، وَلَا حَدَّ لَهُ فِي اللُّغَةِ ، وَلَا فِي الشَّرِيعَةِ ، فَيَجِبُ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ .
قَالَ عَطَاءٌ : رَأَيْت مِنْ النِّسَاءِ مَنْ تَحِيضُ يَوْمًا ، وَتَحِيضُ خَمْسَةَ عَشَرَ .
وَقَالَ أَحْمَدُ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، قَالَ : سَمِعْت شَرِيكًا يَقُولُ : عِنْدَنَا امْرَأَةٌ تَحِيضُ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حَيْضًا مُسْتَقِيمًا " انتهى من " المغني " (1/225) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" قوله : وأكثَرُه خَمْسَةَ عَشَرَ يوماً ، أي : أكثر الحيض .
واستدلُّوا : بالعادة ، وهو أن العادة أن المرأة لا يزيد حيضها على خمسة عشر يوماً .
ولأنَّ ما زاد على هذه المدَّة ، فقد استغرق أكثر الشهر ، ولا يمكن أن يكون زمن الطُّهر أقلَّ من زمن الحيض.
فإِذا كان سِتَّة عشر يوماً ، كان الطُّهر أربعة عشر يوماً ، ولا يمكن أن يكون الدَّم أكثر من الطُّهر .
وعند العلماء أن الدَّم إِذا أطبق على المرأة وصار لا ينقطع عنها ، فإِنها تكون مستحاضة ، فأكثر الشَّهر يجعل له حُكْم الكُلِّ ، ويكون الزَّائد على خمسة عشر يوماً استحاضة ، فكلُّ امرأة زاد دمها على خمسة عشر يوماً ، يكون استحاضة " انتهى من " الشرح الممتع " (1/471) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم : (5595) ، و(65570) أن الراجح أنه لا حد لأكثر الحيض ولا لأقله .
ثانياً :
اختلف أهل العلم في تحديد أقل الطهر بين الحيضتين ، وقد سبق في جواب السؤال رقم : (221997) أنه لا حد لأقله .
وأما أكثر مدة الطهر بين الحيضتين ، فإنه لا حد لأكثرها ـ أيضا ـ بإجماع أهل العلم .
جاء في " أضواء البيان " للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
" وقد قدمنا مرارا أن أكثر الطهر لا حد له إجماعا ، قال النووي في " شرح المهذب " : ودليل الإجماع : الاستقراء ; لأن ذلك موجود مُشاهَد .
ومن أظرفه ما نقله القاضي أبو الطيب في تعليقه ، قال : " أخبرتني امرأة عن أختها أنها تحيض في كل سنة يوما وليلة ، وهي صحيحة تحبل وتلد ، ونفاسها أربعون يوما " " انتهى .
وجاء في " نَيْلُ المَآرِب بشَرح دَلِيلُ الطَّالِب " (1/105) :
" ( ولا حدّ لأكثره ) أي لأكثرِ الطهر بين الحيضتين ؛ لأنه لم يَرِدْ لأكثره تحديدٌ من الشرع ، ولأنَ من النساءِ من تطهرُ الشهرَ والثلاثةَ والسنةَ ، وأكثرَ من ذلك ، ومنهن من لا تحيضُ أصلاً " انتهى .
والله أعلم .
تعليق