الحمد لله.
أولا:
لا حرج في استعمال البطاقة الائتمانية مسبقة دفع ، ولو أخذ البنك رسوما على إصدارها ، أو السحب بها ، أكثر من التكلفة الفعلية ؛ لأن البنك لم يقرض العميل، بل العميل هو المقرض كما سيأتي، وهذه الرسوم أجرة على تقديم الخدمة ، وتمكين العميل من استعمال البطاقة.
ثانيا:
إذا أودع الإنسان رصيدا في البنك ليستعمله في بطاقة الائتمان، كان بذلك مقرضا للبنك،
فلا يجوز أن يأخذ هدايا أو مكافآت من البنك؛ لأنها هدايا على القرض، والهدية على
القرض- قبل الوفاء- ممن لم تجر العادة بإهدائه قبل القرض ، ممنوعة على الراجح ، إلا
أن يحتسبها المقرض من الدين الذي له ، وإلا دخلت في " كل قرض جر نفعا فهو ربا ".
وذلك لما روى ابن ماجه
(2432) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ: " سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ الْمَالَ فَيُهْدِي لَهُ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا ،
فَأَهْدَى لَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلا يَرْكَبْهَا وَلا يَقْبَلْهُ،
إِلا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ). حسنه شيخ الإسلام ابن
تيمية في "الفتاوى الكبرى" (6/ 159).
ورَوَى الْبُخَارِيُّ فِي
صَحِيحِهِ (3814) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قال: " أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لِي: إِنَّكَ بِأَرْضٍ
الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ
حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ
رِبًا.
و (القَتّ) نبات تأكله البهائم.
وقد ورد هذا المعنى عن جماعة من الصحابة.
قال ابن قدامة رحمه الله في
"المغني" (4/ 211): " وكل قرض شرط فيه أن يزيده ، فهو حرام ، بغير خلاف ...
وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها ، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من
أجرتها ، أو على أن يهدي له هدية ، أو يعمل له عملا ، كان أبلغ في التحريم.
وإن فعل ذلك من غير شرط قبل الوفاء [أي قبل سداد القرض]: لم يقبله ، ولم يجز قبوله
، إلا أن يكافئه ، أو يحسبه من دينه ، إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل
القرض ; لما روى الأثرم أن رجلا كان له على سمّاك عشرون درهما ، فجعل يهدي إليه
السمك ويقوّمه ، حتى بلغ ثلاثة عشر درهما ، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم.
وعن ابن سيرين ، أن عمر أسلف أبي بن كعب عشرة آلاف درهم ، فأهدى إليه أبي بن كعب من
ثمرة أرضه ، فردها عليه ، ولم يقبلها ، فأتاه أبي فقال: لقد علم أهل المدينة أني من
أطيبهم ثمرة ، وأنه لا حاجة لنا ، فبم منعت هديتنا ؟ ثم أهدى إليه بعد ذلك فقبل.
وعن زر بن حبيش ، قال: قلت لأبي بن كعب: إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد إلى
العراق. فقال: إنك تأتي أرضا فاش فيها الربا ، فإن أقرضت رجلا قرضا ، فأتاك بقرضك
ومعه هدية ، فاقبض قرضك ، واردد عليه هديته. رواهما الأثرم.
وروى البخاري ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال: قدمت المدينة ، فلقيت عبد الله بن
سلام. وذكر حديثا. وفيه: ثم قال لي: إنك بأرض فيها الربا فاش ، فإذا كان لك على رجل
دين ، فأهدى إليك حمل تبن ، أو حمل شعير ، أو حمل قتّ ، فلا تأخذه ، فإنه ربا "
انتهى.
وجاء في "المعايير الشرعية"،
ص325: " لا يجوز للمقترض تقديم عين أو بذل منفعة للمقرض ، في أثناء مدة القرض ، إذا
كان ذلك من أجل القرض ؛ بأن لم تكن العادة جارية بينهما بذلك قبل القرض" انتهى.
وجاء في بيان مستند ذلك، الاستدلال بحديث أنس السابق، والإشارة إلى الآثار الواردة
عن الصحابة.
وجاء في "قرارات الهيئة
الشرعية" لمصرف الراجحي (1/ 542) قرار رقم 355 بشأن توزيع بعض الهدايا العينية مثل
البشوت والساعات على عملاء الحسابات الجارية ، أو بطاقات الائتمان ، أو التسهيلات
الائتمانية:
"1-لا يجوز منح هدايا عينية خاصة بأصحاب الحسابات الجارية أو بعضهم؛ لأنها تدخل في
الصور الممنوعة من صور القرض الذي جر نفعا.
2-لا يدخل في المنع هدايا الدعاية والإعلان التي لا تختص بعملاء الحسابات الجارية،
وإنما تكون لهم ولغيرهم كالمواد الدعائية من أقلام وتقاويم ومجلات وكتب ونحو ذلك.
3-يجوز إعطاء الهدايا لأصحاب الحسابات الاستثمارية، بشرط ألا تكون الهدايا من مال
المستثمرين، وذلك لأن الحسابات الاستثمارية ليست قروضا، فلا تكون من القرض الذي جر
نفعا" انتهى.
وعليه : فلا يجوز بذل نقاط المكافأة المسئول عنها، ولا قبولها.
وينظر: "المنفعة في القرض"
(ص 461) ، وجواب السؤال رقم : (147775) ،
ورقم : (106418) .
وينظر في تحريم هدية المقترض للمقرض ولو بلا شرط: جواب السؤال رقم : (49015
) ، ورقم : (153672) .
والله أعلم.
تعليق