الجمعة 7 جمادى الأولى 1446 - 8 نوفمبر 2024
العربية

حكم العمارية أو جلوس العروس على منصة والناس يدورون حولها

254213

تاريخ النشر : 02-01-2017

المشاهدات : 32535

السؤال


في حفل الزفاف في الثقافة المغربية ، تُرفَع العروس على "مقعد" يُسمى "العمارية" ، والناس يدورون حولها ، وهي تُلوِح لضيوفها ، وتُلقي عليهم الحلوى ، ولليهود تقليد في حفلات زفافهم إذ يرفعون العروس والعريس ، ويرقصون معهم على الكراسي ، وباعتبار أن الكثير من اليهود قد هاجروا إلى المغرب ، والكثيرون منهم عاشوا سرًا كيهود، يعتقد الكثير من الناس أن هذا التقليد قد تسرب إلى الثقافة المغربية من الثقافة اليهودية ، فباعتبار أنها الآن جزءٌ طبيعيٌ جدًا من حفلات زفاف المسلمين في المغرب ، هل يَحِل لعرائس المسلمين في المغرب المشاركة في هذا التقليد أم يحرم عليهم ذلك ؟ وهل لا حرج منه الآن نظرًا ؛ لأنه أصبح جزءًا من الثقافة المغربية أم أنه يجب تركه على اعتبار أن اليهود يفعلون ذلك أيضًا ؟

الجواب

الحمد لله.



أولا:
وضع العروس على منصة مرتفعة عادة قديمة لدى المسلمين.
قال في "المصباح المنير"(ص 608) : " ونصَّ النساء العروس نصا : رفعنها على المِنصة وهي الكرسي الذي تقف عليه في جلائها ( يعني في زينتها )" انتهى.

وقال في "شرح الكوكب المنير" (3/478) : " فالنص لغة : الكشف والظهور . ومنه : نصت الظبية رأسها : أي رفعته وأظهرته ومنه : منصة العروس" انتهى.

ولا حرج في جلوس العروس على المِنصّة ، بشرط أن تكون مستورة عن أعين الرجال الأجانب ، بلا طبل أو موسيقى ، فإذا جلست على المنصة وكان النسوة حولها فلا حرج ، سواء داروا أو جلسوا؛ إذ الأصل في هذه العادات الجواز.

وأما أن يراها الرجال ، أو تجلس مع زوجها فيرى النساء ، فهذا محرم ؛ لما فيه من الفتنة برؤية الرجال للعروس في زينتها، أو برؤية الزوج للنساء في زينتهن ، وقد أمر الله تعالى بغض البصر فقال: ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) النور/30، 31 .

وفي صحيح مسلم (2159) عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : "سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي " .

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/120): " ظهور الزوج على المنصة بجوار زوجته أمام النساء الأجنبيات عنه اللاتي حضرن حفلة الزواج ، وهو يشاهدهن وهن يشاهدنه ، وكل متجمل أتم تجميل وفي أتم زينة - لا يجوز ، بل هو منكر يجب إنكاره والقضاء عليه من ولي الأمر الخاص للزوجين ، وأولياء أمور النساء اللاتي حضرن حفل الزواج ، فكلٌّ يأخذ على يد من جعله الله تحت ولايته ، ويجب إنكاره مِن ولي الأمر العام ، مِن حكام وعلماء وهيئات الأمر بالمعروف ، كل بحسب حاله من نفوذ أو إرشاد ، وكذلك استعمال الطبول وسائر المحرمات التى ترتكب في مثل هذا الحفل . نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه رضاه ، وأن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وأن يلهم الجميع رشده " انتهى .

وفي "فتاوى الشيخ ابن باز" (4/244): "ومن الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمان وضع منصة للعروس بين النساء ، يجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات ، وربما حضر معه غيره من أقاربه أو أقاربها من الرجال ، ولا يخفى على ذوي الفطر السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير ، وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة النساء الفاتنات المتبرجات ، وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة ، فالواجب منع ذلك والقضاء عليه ، حسما لأسباب الفتنة ، وصيانة للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع المطهر ، وإني أنصح جميع إخواني المسلمين في هذه البلاد وغيرها بأن يتقوا الله ويلتزموا شرعه في كل شيء ، وأن يحذروا كل ما حرم الله عليهم ، وأن يبتعدوا عن أسباب الشر والفساد في الأعراس وغيرها ، التماسا لرضى الله سبحانه وتعالى ، وتجنبا لأسباب سخطه وعقابه " انتهى .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "ما حكم ما يسمى بالتشريع للفتاة أثناء الحفل بين النساء ، نرجو منكم إجابة جزاكم الله خيرا ؟
فأجاب رحمه الله :
تشريع المرأة ليلة الزواج إذا كان على الوجه الذي لا يتضمن محظوراً فلا بأس به ، مثل أن يؤتى بالمرأة المتزوجة وعليها ثيابٌ لا تخالف الشرع ، وتجلس على منصة حتى يراها النساء ، وليس في النساء خليطٌ من الرجال ، وليس مع المرأة زوجها ، فإن هذا لا بأس به ؛ لأن الأصل في غير العبادات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه ، أما لو كانت المرأة هذه تأتي إلى النساء ومعها زوجها ، أو يكون في محفل النساء رجال ، فإن ذلك لا يجوز ؛ لأن هذا يتضمن محظوراً شرعياً ، ثم إنه من المؤسف أنه في بعض الأحيان أو من عادات بعض الناس أن يحضر الزوج مع الزوجة في هذه المحفل ، وربما يُقَبِّلها أمام النساء ، وربما يلقمها الحلوى وما أشبه ذلك ، ولا شك أن هذا سخافةٌ عقلاً ومحظورٌ شرعاً : أما السخافة العقلية فلأنه كيف يليق بالإنسان عند أول ملاقاة زوجته أن يلاقيها أمام نساء يقبلها أو يلقمها الحلوى أو ما أشبه ذلك ، وهل هذا إلا سببٌ مثيرٌ لشهوة النساء ، لا شك في هذا .
وأما شرعاً فلأن الغالب أن النساء المحتفلات يكن كاشفات الوجوه ، بارزات أمام هذا الرجل ، وفي ليلة العرس ونشوة العرس يكن متجملات متطيبات ، فيحصل بهن الفتنة ، وربما يكون في ذلك ضرر على الزوجة نفسها ، فإن الزوج ربما يرى في هؤلاء المحتفلات من هي أجمل من زوجته وأبهى من زوجته ، فيتعلق قلبه بما رأى ، و( يقل قدر ) زوجته عنده ، وحينئذٍ تكون نكبة عليه وعلى الزوجة وعلى أهلها .
فالحذر الحذر من هذه العادة السيئة ، ويكفي إذا أرادوا أن تبرز المرأة وحدها أمام النساء كما جرت به العادة من قديم الزمان في بعض الجهات " انتهى من " فتاوى نور على الدرب ".
وتبين بهذا أن المنع إنما يكون لعلة الاختلاط والنظر، لا لعلة التشبه باليهود ؛ لأن هذا أمر قديم في المسلمين ، ولأنه لو فرض أن أصله من اليهود ، فقد زالت العلة بانتشاره بين المسلمين، إلا أن يكون على صفة لا يفعلها الآن إلا اليهود ، فيمنع حينئذ لعلة التشبه ، وعلة الاختلاط المنكر.
وينظر في ضابط التشبه بالكفار: جواب السؤال رقم : (108996) .
وينظر في تحريم الطبل والموسيقى: جواب السؤال رقم : (5000).
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب