الحمد لله.
أولا:
وضع العروس على منصة مرتفعة عادة قديمة لدى المسلمين.
قال في "المصباح المنير"(ص 608) : " ونصَّ النساء العروس نصا : رفعنها على المِنصة وهي الكرسي الذي تقف عليه في جلائها ( يعني في زينتها )" انتهى.
وقال في "شرح الكوكب المنير"
(3/478) : " فالنص لغة : الكشف والظهور . ومنه : نصت الظبية رأسها : أي رفعته
وأظهرته ومنه : منصة العروس" انتهى.
ولا حرج في جلوس العروس على
المِنصّة ، بشرط أن تكون مستورة عن أعين الرجال الأجانب ، بلا طبل أو موسيقى ، فإذا
جلست على المنصة وكان النسوة حولها فلا حرج ، سواء داروا أو جلسوا؛ إذ الأصل في هذه
العادات الجواز.
وأما أن يراها الرجال ، أو
تجلس مع زوجها فيرى النساء ، فهذا محرم ؛ لما فيه من الفتنة برؤية الرجال للعروس في
زينتها، أو برؤية الزوج للنساء في زينتهن ، وقد أمر الله تعالى بغض البصر فقال: (
قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ
يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) النور/30، 31 .
وفي صحيح مسلم (2159) عن
جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : "سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي " .
جاء في "فتاوى اللجنة
الدائمة" (19/120): " ظهور الزوج على المنصة بجوار زوجته أمام النساء الأجنبيات عنه
اللاتي حضرن حفلة الزواج ، وهو يشاهدهن وهن يشاهدنه ، وكل متجمل أتم تجميل وفي أتم
زينة - لا يجوز ، بل هو منكر يجب إنكاره والقضاء عليه من ولي الأمر الخاص للزوجين ،
وأولياء أمور النساء اللاتي حضرن حفل الزواج ، فكلٌّ يأخذ على يد من جعله الله تحت
ولايته ، ويجب إنكاره مِن ولي الأمر العام ، مِن حكام وعلماء وهيئات الأمر بالمعروف
، كل بحسب حاله من نفوذ أو إرشاد ، وكذلك استعمال الطبول وسائر المحرمات التى ترتكب
في مثل هذا الحفل . نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه رضاه ، وأن يجنبنا
الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وأن يلهم الجميع رشده " انتهى .
وفي "فتاوى الشيخ ابن باز"
(4/244): "ومن الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمان وضع منصة للعروس
بين النساء ، يجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات ، وربما حضر معه
غيره من أقاربه أو أقاربها من الرجال ، ولا يخفى على ذوي الفطر السليمة والغيرة
الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير ، وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة النساء
الفاتنات المتبرجات ، وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة ، فالواجب منع ذلك
والقضاء عليه ، حسما لأسباب الفتنة ، وصيانة للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع
المطهر ، وإني أنصح جميع إخواني المسلمين في هذه البلاد وغيرها بأن يتقوا الله
ويلتزموا شرعه في كل شيء ، وأن يحذروا كل ما حرم الله عليهم ، وأن يبتعدوا عن أسباب
الشر والفساد في الأعراس وغيرها ، التماسا لرضى الله سبحانه وتعالى ، وتجنبا لأسباب
سخطه وعقابه " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : "ما حكم ما يسمى بالتشريع للفتاة أثناء الحفل بين النساء ، نرجو منكم إجابة
جزاكم الله خيرا ؟
فأجاب رحمه الله :
تشريع المرأة ليلة الزواج إذا كان على الوجه الذي لا يتضمن محظوراً فلا بأس به ،
مثل أن يؤتى بالمرأة المتزوجة وعليها ثيابٌ لا تخالف الشرع ، وتجلس على منصة حتى
يراها النساء ، وليس في النساء خليطٌ من الرجال ، وليس مع المرأة زوجها ، فإن هذا
لا بأس به ؛ لأن الأصل في غير العبادات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه ، أما لو
كانت المرأة هذه تأتي إلى النساء ومعها زوجها ، أو يكون في محفل النساء رجال ، فإن
ذلك لا يجوز ؛ لأن هذا يتضمن محظوراً شرعياً ، ثم إنه من المؤسف أنه في بعض الأحيان
أو من عادات بعض الناس أن يحضر الزوج مع الزوجة في هذه المحفل ، وربما يُقَبِّلها
أمام النساء ، وربما يلقمها الحلوى وما أشبه ذلك ، ولا شك أن هذا سخافةٌ عقلاً
ومحظورٌ شرعاً : أما السخافة العقلية فلأنه كيف يليق بالإنسان عند أول ملاقاة زوجته
أن يلاقيها أمام نساء يقبلها أو يلقمها الحلوى أو ما أشبه ذلك ، وهل هذا إلا سببٌ
مثيرٌ لشهوة النساء ، لا شك في هذا .
وأما شرعاً فلأن الغالب أن النساء المحتفلات يكن كاشفات الوجوه ، بارزات أمام هذا
الرجل ، وفي ليلة العرس ونشوة العرس يكن متجملات متطيبات ، فيحصل بهن الفتنة ،
وربما يكون في ذلك ضرر على الزوجة نفسها ، فإن الزوج ربما يرى في هؤلاء المحتفلات
من هي أجمل من زوجته وأبهى من زوجته ، فيتعلق قلبه بما رأى ، و( يقل قدر ) زوجته
عنده ، وحينئذٍ تكون نكبة عليه وعلى الزوجة وعلى أهلها .
فالحذر الحذر من هذه العادة السيئة ، ويكفي إذا أرادوا أن تبرز المرأة وحدها أمام
النساء كما جرت به العادة من قديم الزمان في بعض الجهات " انتهى من " فتاوى نور على
الدرب ".
وتبين بهذا أن المنع إنما يكون لعلة الاختلاط والنظر، لا لعلة التشبه باليهود ؛ لأن
هذا أمر قديم في المسلمين ، ولأنه لو فرض أن أصله من اليهود ، فقد زالت العلة
بانتشاره بين المسلمين، إلا أن يكون على صفة لا يفعلها الآن إلا اليهود ، فيمنع
حينئذ لعلة التشبه ، وعلة الاختلاط المنكر.
وينظر في ضابط التشبه بالكفار: جواب السؤال رقم : (108996)
.
وينظر في تحريم الطبل والموسيقى: جواب السؤال رقم : (5000).
والله أعلم.
تعليق