الحمد لله.
أولا:
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، ويذهبك عنك ما تجد، ونوصيك بالإقبال على الله تعالى والتضرع إليه، فإنه تعالى الشافي المعافي ومجيب دعوة المضطر.
ثانيا:
العاجز عن الوطء يجوز له النكاح ، إذا بَين حالَه لمن يريد الزواج منها، فإذا قبلت ، فلا حرج عليهما في ذلك .
وقد تقبل بهذا امرأة لا شهوة لها، أو مريضة ، أو كبيرة في السن.
قال الشيخ إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان الحنبلي – رحمه الله - :
"ويباح - أي : الزواج - لمن لا شهوة له ، كالعنِّين ، والكبير ؛ لعدم منع الشرع منه" انتهى من "منار السبيل" ( 2 / 91 ) .
وقد اختلف الفقهاء فيمن لا
شهوة له، هل يستحب له النكاح، أم تركه له أفضل؟
قال ابن قدامة في المغني :
"والناس في النكاح على ثلاثة أضرب :
منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح ، فهذا يجب عليه النكاح في
قول عامة الفقهاء ؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصونها عن الحرام ، وطريقُه النكاح .
الثاني: من يستحب له ، وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور . فهذا : الاشتغال
له به ، أولى من التخلي لنوافل العبادة . وهو قول أصحاب الرأي . وهو ظاهر قول
الصحابة رضي الله عنهم ، وفعلهم .
القسم الثالث: من لا شهوة له ، إما لأنه لم يخلق له شهوة كالعنين ، أو كانت له شهوة
، فذهبت بكبر أو مرض ونحوه ، ففيه وجهان ؛ أحدهما: يستحب له النكاح لعموم ما ذكرنا
. والثاني: التخلي له أفضل" انتهى من "المغني" (9/ 341).
وقال في "مغني المحتاج" (3/
125): " ولما كان النكاح من سنته صلى الله عليه وسلم قال المصنف - رحمه الله تعالى
- : ( هو مستحب لمحتاج إليه ) بأن تتوق نفسه إلى الوطء , ولو خصيا ، كما اقتضاه
كلام الإحياء ، ( يجد أهبته ) ، وهي مؤَنُه من مهر وكسوة ، ونفقة يومه ، وإن كان
متعبدا ، تحصينا لدينه ، ولما فيه من بقاء النسل وحفظ النسب ، وللاستعانة على
المصالح ، ولخبر الصحيحين : (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه
أغض للبصر ، وأحصن للفرج , ومن لم يستطع : فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء) ...
( فإن فقدها ) بفتح القاف : أي عدم الأُهبة : ( استُحب ) له ( تركه ) ، لقوله تعالى
: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) ، ولمفهوم قوله صلى
الله عليه وسلم : (من استطاع منكم الباءة فليتزوج) . ( ويكسر ) -إرشادا - ( شهوته
بالصوم ) ، للخبر السابق .
قالوا : والصوم يثير الحركة أولا ، فإذا دام سكنت . وإن لم تنكسر شهوته تزوج .
( فإن لم يحتج ) للنكاح ، بأن لم تتُق نفسُه له ، من أصل الخِلقة ، أو لعارض ، كمرض
أو عجز : ( كُره ) له ، ( إن فقد الأهبة ) ؛ لما فيه من التزام ما لا يقدر على
القيام به من غير حاجة .
وحكم الاحتياج للتزويج لغرض صحيح ، غير النكاح [ يعني : غير الوطء] ، كخدمة وتأنُس
، كالاحتياج للنكاح ، كما بحثه الأذرعي , وفي الإحياء ما يدل عليه .
( وإلا ) بأن وجد الأهبة ، مع عدم حاجته للنكاح ، ولا علة به ( فلا ) يكره له
لقدرته عليه ، ومقاصد النكاح لا تنحصر في الجماع ( لكن العبادة ) أي التخلي لها ،
في هذه الحالة ( أفضل ) له من النكاح ، إذا كان يقطعه عنها ، اهتماما بها , وفي
معنى التخلي للعبادة : التخلي للاشتغال بالعلم ، كما قاله الماوردي ، بل هو داخل
فيها .
( قلت ) كما قال الرافعي في الشرح ( فإن لم يتعبد ) فاقد الحاجة للنكاح ، واجد
الأهبة الذي لا علة به : ( فالنكاح ) له ( أفضل ) من تركه ، ( في الأصح ) ؛ كي لا
تفضي به البطالة والفراغ إلى الفواحش .
و[الوجه] الثاني : تركه أفضل منه ، للخطر في القيام بواجبه . وفي الصحيح : (اتقوا
الله ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء) .
( فإن وجد الأُهبة ، و ) لكن ( به علة كهرم ) ، وهو كبر السن ( ، أو مرض دائم ، أو
تَعْنِين ) دائم ، أو كان ممسوحا : ( كره ) له ( والله أعلم ) لعدم الحاجة إليه ،
مع منع المرأة من التحصين " انتهى مختصرا.
ثانيا:
لا حرج في إجراء عملية لتركيب دعامة داخل القضيب ، إذا لم يكن فيها ضرر، أو كان
فيها ضرر أقل من الضرر الحاصل بعدم تركيبها .
فإن كان الضرر خالصا، أو راجحا لم يجز، ومن قواعد الفقه: "الضرر لا يزال بمثله".
وقال في " المراقي":
والحكم ما به يجيءُ الشرع *** وأصل كل ما يضر المنع .
وقال الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي في بيان شروط الجراحة:
" أن لا يترتب على فعلها ضرر أكبر من ضرر المرض:
مما يشترط لجواز فعل الجراحة الطبية: ألا تشتمل على ضرر أكبر من ضرر المرض الجراحي،
فإن اشتملت على ذلك ، حرم على الطبيب الجراح فعلها؛ لما فيه من تعريض الأرواح
والأجساد للضرر الأكبر، ووجب على المريض البقاء على الضرر الأخف، والامتناع عن فعل
الجراحة المشتملة على الإلقاء بالنفس إلى الهلاك والتلف...
وبناء على هذا الشرط : فإنه ينبغي على الأطباء أن يقارنوا بين نتائج الجراحة
السلبية، والمفاسد المترتبة عليها، وبين المفاسد التي يشتمل عليها المرض الجراحي
نفسه.
فإن كانت المفاسد التي تترتب على الجراحة ، أكبر من المفاسد الموجودة في المرض :
حرم عليهم الإقدام على فعل الجراحة، لأن الشريعة لا تجيز للإنسان أن يزيل الضرر
بمثله ، أو بما هو أشد، ولذلك كان من قواعدها "الضرر لا يزال بمثله".
وأما إن كانت المفاسد التي تترتب على الجراحة ، أخف من المفاسد الموجودة في المرض
الجراحي ، فإنه يجوز لهم الإقدام على فعلها ، إعمالاً للقاعدة الشرعية: "إذا تعارض
مفسدتان ، روعي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما"" انتهى من "أحكام الجراحة الطبية"،
ص124.
ثالثا:
لا حرج في الإنجاب بواسطة التلقيح الصناعي لمن كان لا يستطيع الإنجاب بالطريق
الطبيعي، وفق ضوابط شرعية.
سبق بيانها في جواب السؤال رقم : (98604)
.
والحاصل :
أنه لا حرج عليك في النكاح ، إذا كنت محتاجا إليه ، ولو للتأنس ، والقيام بمصالحك ،
مع إعلام المرأة التي تخطبها ، بحقيقة حالك ، وينبغي أن تختار من تلائم حالك ،
وتقوم بأمرك ، من غير ضرر عليها .
والله أعلم.
تعليق