الحمد لله.
أولا :
الواجب على الحاج أن يبيت في منى معظم الليل ، فيحسب ساعات الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر ، فإذا قدر أن الليل كان عشر ساعات ، فمُكْثه فيها أكثر من خمس ساعات كاف .
وإن لم يأت الحاج بالقدر الواجب ، أو لم يبت أصلا ، وحصل ذلك منه في ليلة واحدة فقط أو في ليلتين ، فعليه أن يطعم عن الليلة مسكينا وعن الليلتين مسكينين ؛ ولا يجب عليه الدم إلا إذا لم يبت الأيام الثلاثة كلها ؛ لأن الدم يجب بترك الواجب جميعه ، ولا يصدق ذلك إلا على من أخل بالمبيت في الليالي كلها .
قال النووي رحمه الله :
"وَإِنْ تَرَكَ لَيَالِي التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَ لَزِمَهُ دَمٌ فَقَطْ ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ ...
وَإِنْ تَرَكَ لَيْلَتَيْنِ ، فَعَلَى الْأَصَحِّ : يَجِبُ مُدَّانِ [ أي : يتصدق بمدين من الطعام ] " انتهى من " المجموع " (8/225) .
وينظر جواب السؤال (36244) ، (225091) .
ثانيا :
الذي يظهر لنا أنه لا شيء على عمتك في ترك المبيت في منى في الليلة الأولى ، فبعد رجوعنا إلى ضبط التقويم وجدنا أن الحج قبل ست وعشرين سنة كان موافقا لأول فصل الصيف ومعلوم أن الليل فيه من أقصر ما يكون ، إذ هو بمقدار ثمان ساعات ، وأذان المغرب فيها قرابة الساعة السابعة .
وبناء عليه ، فإن بقاء عمتك من الساعة السابعة إلى الساعة الثانية عشرة ليلا ، مبيت صحيح ؛ لأنه أكثر من أربع ساعات .
وإذا قدر أن الأمر لم يكن كذلك ، فإن ضياع متاعها ، وما جرى عليها : عذر لها في ترك المبيت ، لا يلزمها عليه شيء .
ثالثا :
إذا ترك الحاج طواف الوداع ، فعليه دم لتركه ، ولو كان من أهل جدة ؛ لأن الراجح وجوبه على كل حاج سوى أهل مكة .
وينظر جواب السؤال (45684) .
رابعا :
إذا لم يقصّر الحاج من شعره ، جهلا أو نسيانا : فإنه يجب عليها أن تقصر عندما تتذكر أو تعلم .
وسبق بيان ذلك في جواب السؤال (122795) .
لكن ما دام أنه قد فات الأوان ، فإن عليها فدية تذبح في مكة ، وتوزع على الفقراء والمحتاجين .
إذا كانت مستطيعة ، وإن لم تكن مستطيعة فلا شيء عليها .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن شخص حلق شعره وبعده بيوم ذهب إلى العمرة، فلما انتهى من السعي لم يحلق، فلما وصل إلى بلده قيل له: إنك أخطأت؛ لأنك لم تمر الموس على رأسك، هل يجب عليه شيء في هذا؟
فأجاب " يعني: اعتمر وقد حلق رأسه من قبل، فنقول: لا بد أن يمر الموس على رأسه؛ لأن الحلق ، وإن كان قريبًا : لابد أن ينبت الشعر، الشعر ينبت بسرعة .
فإن لم يفعل، فأرى أنه من باب الاحتياط: أن يذبح فدية في مكة ويوزعها على الفقراء.
السائل: ويحلق شعره ويقصره؟
الشيخ: لا يحلق؛ لأن الفدية بدل عن الحلق، الحلق فاته ، وقد تحلل واعتقد أنه أكمل العمرة.
وإن حلق ، حيث علم ، ولم يذبح فدية : فأرجو ألا حرج " انتهى من اللقاء التاسع من "لقاءات الباب المفتوح" .
وفي " ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين " :
" سألت شيخنا رحمه الله : من نسي الحلق أو التقصير، ولبس ثيابه، ثم ذكر، فماذا عليه ؟
فأجاب : ينزع ثيابه حالما يذكر، ويلبس ثوبي الإحرام، ثم يقصر أو يحلق.
فسألته: ذكرتم في إجابة لكم في سلسلة "الباب المفتوح" رقم (9) عام 1413هـ تقريبًا في مثل هذه المسألة أن هذا نسك قد فات محله فيجبره بدم ؟
فأجاب: الأمر يختلف، فإن هذا الأخير لم يذكر حتى عاد لبلده.
فينظر في الفصل من حيث الطول وعدمه" انتهى .
وينظر جواب السؤال (39730) ورقم (97795) .
خامسا :
يجب أن يذبح عن الطفلتين ، هدي القران ، إذا كان حجهما قرانا ، ولم يذبحا هديا عنه ، كما يفهم من السؤال .
وأما إذا كان حجهما إفرادا : فليس عليهما شيء .
وأما ترك بعض الأنساك ، على ما سبق : فلا شيء فيه على الطفلتين .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجل لم يطف بطفله للوداع ؟
" فأجاب : ليس عليك شيء ، الصغار ما جاء منهم من المناسك فاقبلوه ، وما تركوه لا تطالبون به " . انتهى من " مجموع الفتاوى " (23/327) .
وسئل أيضا عن امرأة نوت العمرة لطفل غير مميز ، لا يعقل النية، وحملته في الطواف والسعي بنية الطواف والسعي لها وله، فما حكم صنيعها ؟
فأجاب: " تقع النية لها وحدها ، ولا يترتب على إبطال عمرة الطفل شيء، لا عليها ولا عليه " انتهى من " ثمرات التدوين مسألة (330) .
والله أعلم .
تعليق