الحمد لله.
أولا :
فضل صلاة الجماعة ثابت مشهور جاءت به الأحاديث الصحيحة .
ومن أشهر هذه الأحاديث ما أخرجه البخاري في صحيحه (645) ومسلم في صحيحه (650) من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً .
ثانيا :
الحديث الوارد في السؤال : لم نقف له على إسناد ، وإنما ذكر نحوا من هذا الكلام : بعض أهل العلم كابن الحاج وغيره دون أن يعزوه لأحد فقال :" وقد ورد أن الصلاة ترفع على أتقى قلب رجل من الجماعة ، فينبغي أن يكون الإمام هو المتصف بذلك حتى يحصل جميع من خلفه في صحيفته وفي خفارته ". انتهى من "المدخل" لابن الحاج (2/202) .
وقد جاء في السنة ما يدل على أنه كلما كان عدد المصلين أكثر، كان أفضل .
ففي سنن أبي داود (554) من طريق أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إِنَّ صَلاَةَ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلاَتِهِ وَحْدَهُ ، وَصَلاَتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاَتِهِ مَعَ الرَّجُلِ ، وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ».
قال ابن الملقن :" صَححهُ ابْن حبَان والعقيلي وَابْن السكن، وَقَالَ الْحَاكِم : صَحِيح ، كَمَا قَالَه يَحْيَى بن معِين وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَمُحَمّد بن يَحْيَى الذهلي وَغَيرهم". انتهى من "تحفة المحتاج" (1/437).
وكذلك يستحب الصلاة مع أهل الصلاح والتقى ، قال القرافي في "الذخيرة" (2/265) :
" لَا نِزَاعَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ ، لِشُمُولِ الدُّعَاءِ، وَسُرْعَةِ الْإِجَابَةِ ، وَكَثْرَةِ الرَّحْمَةِ ، وَقَبُولِ الشَّفَاعَةِ ". انتهى .
وقال ابن قاسم في "حاشيته على الروض المربع" (2/265) :" وفي قوله تعالى: فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا استحباب الصلاة مع الجماعة الصالحين المحافظين على الإسباغ، والتنزه من القاذورات ". انتهى .
والحاصل :
أن الحديث المذكور في السؤال : ليس له أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وإنما لكل إنسان : ما سعى .
فمن أحسن في صلاته ، فله ما أحسن ، وليس عليه من إساءة غيره : شيء .
ومن أساء في صلاته ، فعليه ما نقص منها ، وضيع من شأنها ، وليس له من إحسان غيره ، إذا أحسن : شيء .
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" مِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي الصَّلَاةَ كَامِلَةً، وَمِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي النِّصْفَ، وَالثُّلُثَ، وَالرُّبُعَ، وَالْخَمْسَ، حَتَّى بَلَغَ الْعُشْرَ ". أخرجه الإمام أحمد في مسنده (15522) والنسائي في السنن الكبرى (616) ، وصححه النووي في "خلاصة الأحكام" (1578) .
ورحم الله حسان بن عطية إذ يقول :" إن الرجلين ليكونان في صلاة واحدة وإن بينهما من الفضل لكما بين السماء والأرض .
ثم فسر ذلك : إن أحدهما يكون مقبلا على الله بقلبه ، والآخر ساه غافل ". انتهى ، من "الزهد" لابن المبارك (96) .
والله أعلم .
تعليق