الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل من حق أحد الورثة الرجوع في القسمة بعد التراضي عليها؟

259408

تاريخ النشر : 05-10-2023

المشاهدات : 4173

السؤال

توفي والدى، رحمه الله تعالى ، وكان من بين التركة سيارة تركها أبي، عليها اقساط، ولا يمكننا إدارتها وسداد اقساطها، أردت أن أرجعها إلى التاجر، فقالت لى أختي: لا ترجعها إلى التاجر على أن يقوم زوجها بإدارتها، ويكون ما بقي من ميراثها مقابل السيارة، بناء على ذلك كتبنا ما يثبت حق أختي في السيارة، وما يثبت استلامها لميراثها من والدها بكامله، بعد حوالى يومين اتصل زوجها وقال: خذ السيارة، وأرجعها إلى التاجر فنحن لا نريد سيارات، قلت له: لا يمكن ذلك؛ لأننا اتفقنا، فصمم على أن يرجع في اتفاقنا، فقلت له: إذا كنت مصمما على ذلك يمكنك أنت الآن كقائم علي السياره أن ترجعها للتاجر، بالفعل أرجعها للتاجر، وخسرنا الكثير من المال، واآان يطالبنى أن أدفع لأختي حقها مما بقي من ميراث والدها، لا أريد أن أصنع مشاكل بيننا وبينه إكراما لأمي، فهل علي إثم إن لم أعطي لأختى حقها مرة أخرى، حتى إن كانت أمى تريد ذلك تفاديا للمشاكل؟ 

الجواب

الحمد لله.

إذا حصل الاتفاق بينك وبين أختك على أخذها السيارة مقابل نصيبها من التركة، فلا حرج في ذلك ، وهذا هو ما يعرف عند جماعة من الفقهاء بـ " قسمة التراضي ".

جاء في " الموسوعة الفقهية " (33 /217): " أَمَّا قِسْمَةُ التَّرَاضِي : فَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهَا انْتِفَاءُ الضَّرَرِ ، بَل الرِّضَا بِهِ مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهِ ، وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ ، حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْقِسْمَةُ ضَارَّةً بِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ ، لَكِنَّهُمْ رَضَوْا بِهَا ؛ فَهَذَا شَأْنُهُمْ وَحْدَهُمْ ؛ لأِنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لاَ يَعْدُوهُمْ ، وَهُمْ أَدْرَى بِحَاجَاتِهِمْ ، فَلاَ يَكُونُ ثَمَّ مَانِعٌ مِنْهَا وَقَدْ رَضُوا بِضَرَرِ أَنْفُسِهِمْ " انتهى .

والقسمة تقع لازمة، ولا يجوز الرجوع فيها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" قوله: فإذا اقتسموا أو اقترعوا لزمت القسمة، وكيف اقترعوا جاز :

إذا كانت القسمة قسمة إجبار، واقتسموا ورضي كل واحد منهم بها : لزمت القسمة، ولا خيار ، ولو كانوا في مجلس القسمة؛ لأنها إفراز ، لا بيع .

أما إذا كانت قسمة تراضٍ : فإنها لا تلزم بمجرد القسمة، بل لهم الخيار ما داموا في المجلس؛ لأنها بيع، والبيع فيه الخيار، قال النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا" انتهى من "الشرح الممتع" (15/379).

وقال الدكتور وهبة الزحيلي: " لزوم القسمة: القسمة من العقود اللازمة باتفاق الفقهاء، لا يجوز نقضها، ولا الرجوع فيها" انتهى من "الفقه الإسلامي وأدلته" (6/ 4762).

وعلى ذلك : فقد كان من حقك الامتناع من العودة في القسمة .

وقولك لزوج أختك: أرجعها أنت، قد يفهم منه الرضا بإرجاع السيارة ونقض الاتفاق السابق، وقد لا يكون كذلك، بل من باب هي سيارتك ولك الخيار بإرجاعها.

وبناء عليه يقال: إن كنت لم ترض بإرجاعها، فالخسارة على من أرجع السيارة فقط، لأنه تصرف في ملكه، ولا علاقة للآخرين بذلك ، كما أنه لو باعها بربح لكان له.

وإن كنت رضيت بذلك فالخسارة على الجميع، وبقي لأختك نصيبها من التركة، بعد توزيع الخسائر الناتجة عن الرجوع في السيارة، على جميع الشركاء.

فالواجب إعطاؤه لها، وعدم تأخير ذلك قدر الاستطاعة، وينبغي أن تراعي في ذلك أمرين: أداء الحق، وصلة الرحم، وكلاهما واجب.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب