الحمد لله.
الذي يمكننا أن نقوله ، على الإجمال ، في هذه المشكلة أمور :
أولا : السلم من منافع البيت الضرورية ، ومرافق العين المملوكة أو المستأجرة ؛ فإذا كانت الأشياء التي يضعها المالك تحت السلم : تضيق على المارة في مرورهم ، أو في انتفاعهم بالسلم، أو يتأذى ساكن المنزل ، عادة ، بوضع هذه الأشياء في هذا المكان ، لما تجلبه من رائحة مثلا ، أو حشرات ، أو نحو ذلك من الأذى والضرر : فليس لمالك العين أن يضع هذه الأشياء تحت السلم ، وإنما يضعها في مستودعها الخاص بها .
وأما إذا لم يترتب على وضعها تضييق على السكان ، ولا إعاقة لارتفاقهم بالسلم ، ولا هي مما يتأذى به عامة الناس إذا وضعت في هذا المكان: فهذا ملكه ، ولا حق للمستأجرين في منعه من الاستفادة به ، لا سيما والسائلة تقول : إن وضع هذه الأشياء لا يمكننا من الانتفاع بأسفل السلم، وأسفل السلم لا يظهر أنه مما يتبع العين المستأجرة ، ولا يظهر استحقاقكم فيه بوضع أغراضكم الخاصة .
ثانيا : الحوش التابع للشقق العلوية : لم يظهر لنا تصوره تماما ؛ لكنا نقول : إن هذا الحوش إن كان مرافق هذه الشقق ، ومنافعها التابعة لها ، في عرف أصحاب العقارات : فلا حق للمالك في منعكم من الانتفاع به ، أو لعب أولادكم فيه .
وإن كان مكانا مستقلا ، ليس تابعا للشقق ، ولا هو من مرافقها المعتادة : فهو ملكه ، ولم يؤجره عليكم ، ومن حقه أن يسمح لكم به ، أو يمنعكم منه .
ومثل هذا يقال في سطح العمارة : فإن كان العرف قد جرى أن منفعته للسكان ، فلا حق له في منعكم من الانتفاع به .
وإن كان العرف قد جرى أنه مستقل عن الشقق ، وأنه لا يتبعها في المنفعة ، بل ينتفع به المالك ، أو غيره ممن يأذن له ، أو يبقيه هكذا من غير أن يشغله أحد : فمن حقه أن يمنعكم منه .
ثالثا : وأما الشارع : فلا اختصاص لأحد به ، لا للمالك ، ولا للمستأجر ، ولا لغيرهم ، بل هو طريق الناس جميعا ، ومرتفقهم ، وممرهم .
وقد جرت العادة بلعب الأطفال في هذه الشوارع ، فإن كان لعبهم على هذا الوجه ، ولم يترتب عليه إضرار به ، من تكسير للنوافذ ، أو إزعاج في وقت راحة أو عمل ، أو نحو ذلك مما يحدث من الأطفال عادة : فليس له منعهم من ذلك ، وهذا ظاهر .
وإما إن جرى منهم إزعاج ، أو تشويش أو أذى لسكان البيت ، أو البيوت المجاورة : فمن حق من يتأذى أن يدفع عنه الأذى والضرر ، ويمنع الأطفال من اللعب في الشارع ، وأمامهم الساحات ونحوها من الأماكن المخصصة للعب .
على أننا نقول ، وبكل حال : إن هذه المسائل لا يصلح فيها مثل هذا الجواب المجمل ، بل هذه من أمور الخصومات التي تحتاج إلى من يشاهد الواقع ، ويعلم عرف الناس ، وأحوالهم ، فيفصل بينكم وبين مالك العمارة .
فإن شئتم أن تندبوا بعض أهل الخبرة والأمانة ليتدخل في الصلح بينكم ، وتعريف كل منكم حقه؛ فهو حسن .
وإلا ؛ فإن النصيحة لكم أن تحتملوا طباع المالك ، ولا تكثروا من المشكلات والخصام معه ، حتى تكلموا نهاية عقدكم ، وتستوفوا ما دفعتم من أجرة الشقة ، ثم تنتقلوا إلى مكان آخر ، أنسب لكم ، وأبعد عن الخصام والخلاف ، والشقق كثيرة بحمد الله ، ولم يضيق الله عليكم في ذلك .
نسأل الله أن ييسر لكم أمركم ، ويلهمكم رشدكم ، ويصلح ذات البين بمنه وكرمه .
والله أعلم .
تعليق