الحمد لله.
أولا:
إذا كان والدكم قد كتب البيت لوالدتكم، ومكنها من التصرف فيه أثناء حياته : فهذه هبة نافذة.
وإذا كان لم يمكنها من التصرف فيه ، بحيث لا يمكنها أن تبيعه ، ولا أن تهبه ، إن شاءت ، وظل ساكنا فيه حتى قبض : فإن الهبة لا تنفذ، ويكون البيت من جملة التركة.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض : بطلت الهبة . سواء كان قبل الإذن في القبض ، أو بعده" انتهى من "المغني" (5/ 381).
وينظر: الموسوعة الفقهية (39/ 306)، الشرح الممتع (11/ 70).
وقبض المنزل يكون بتخليته والتمكين من التصرف فيه، وهذا لا يتحقق إذا استمر الزوج ساكنا مع زوجته فيه.
وفي المحيط البرهاني (6/ 251): " وعن أبي يوسف لا يجوز للرجل أن يهب لامرأته، أو أن تهب لزوجها ولأجنبي داراً ، وهما فيها ساكنان، كذلك الهبة للولد الكبير؛ لأن الواهب إذا كان في الدار فيده ثابتة على الدار، وذلك يمنع تمام يد الموهوب له" انتهى.
وقال الخرشي في شرح قول خليل: " وهبة زوجة دار سكناها لزوجها ، لا العكس" : "يعني، وكذلك تصح هبة الزوجة دار سكناها لزوجها، وأما هبة الزوج دار سكناه لزوجته : فإن ذلك لا يصح .
والفرق أن السكنى للرجل ، لا للمرأة ؛ فإنها تبع لزوجها" انتهى من شرح مختصر خليل (7/ 110).
وفي الموسوعة الفقهية (25/ 121): " حيازة الدار الموهوبة:
الملكية للدار الموهوبة تثبت بالقبض بإذن الواهب ، عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة.
وتثبت الملكية عند المالكية بمجرد العقد، غير أنهم يشترطون لتمام العقد الحيازة للدار الموهوبة.
وعلى ذلك : فإذا وهب شخص لآخر دارا ، فإن الموهوب له تثبت له ملكية الدار، وتصبح نافذة عند جميع الفقهاء بحيازة هذه الدار، وهذا إذا كان الموهوب له بالغا رشيدا...
واتفق المالكية والحنفية : على أن المرأة لو وهبت دارها لزوجها وهي ساكنة فيها ، ولها أمتعة فيها، والزوج ساكن معها : فإن هذه الهبة صحيحة .
ولا يجوز أن يهب الزوج دار سكناه لزوجته عند المالكية؛ لأن السكنى للرجل لا للمرأة، فإنها تبع لزوجها .
وذهب الشافعية إلى أنه لا بد من خلو الدار الموهوبة من أمتعة غير الموهوب له، فإن كانت مشغولة بها، واستمرت فيها : فإن الهبة لا تصح" انتهى.
ثانيا:
على فرض أن والدك قد انتقل إلى مسكن آخر، وحازت والدتك البيت، وتم لها التملّك :
فإنه لا يجوز لها أن تفاضل بين أولادها في العطية، بل يجب عليها العدل بينهم.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/ 389): " والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : اتقوا الله , واعدلوا بين أولادكم. ولأنها أحد الوالدين , فمنعت التفضيل كالأب , ولأن ما يحصل بتخصيص الأب بعض ولده من الحسد والعداوة , يوجد مثله في تخصيص الأم بعض ولدها , فثبت لها مثل حكمه في ذلك " انتهى.
وينظر في وجوب العدل بين الأولاد في العطية والهبة: جواب السؤال رقم (114659) .
وفي جواب السؤال رقم (67652) بيان أن الأم يجب عليها أن تعدل بين أبنائها ، كالأب تماما .
وعليه : فالبيت المسئول عنه :
هو في ظاهر الأمر : تركة ، يستحقها جميع الورثة، على ما سبق شرحه .
وإذا قدر أنه كان هبة صحيحة للأم : فليس لها أن تحابي أحد أولادها في بيع البيت له بأقل من ثمن المثل، وليس لها أن تخص أحدهم بثمن البيت ، أو بعطية مطلقا؛ لوجوب العدل بين الأولاد في العطية.
والله أعلم.
تعليق