الحمد لله.
أولا:
يجب أن ينظر في دعوى المطور العقاري، فإن بان أن جزءا من الحديقة ملكه، وأنه قد أخطأ في وضع السياج، فإنه يلزم إعطاؤه هذا الجزء، ولا يجوز حرمانه منه، ولا الاعتماد على القانون في ذلك.
ثانيا:
إذا ثبت استحقاق المطور، فقد تبين أن شراءكم لهذا الجزء باطل؛ لأنه كان مملوكا للغير عند شرائه، وهل لكم مطالبة البائع بشيء أم لا ؟ في ذلك تفصيل:
1-فإن كان شراؤكم للمنزل مبنيا على مساحة مقدرة ك100 متر مثلا، ولن تنقص هذه المساحة بعد تعديل السياج وأخذ المطور حقه، فلا شيء لكم على البائع؛ لأنكم أخذتم حقكم المقدر كاملا.
2-وإن كانت المساحة تنقص بعد التعديل، كأن تصير 90 مترا مثلا، فلكم ثمن هذا النقص، أي يُنقص من ثمن البيع ما يقابل هذا الجزء.
3-وإن كان الشراء معتمدا على المشاهدة والمعاينة، دون اعتماد على عدد الأمتار، أي اشتريتم هذا المنزل وحديقته بكذا، فإن لكم مطالبة البائع بثمن ما سيأخذه المطور، لأنه سيقتطع جزءا مما وقع عليه البيع ودفعتم ثمنه.
4-وإن كان هذا الاقتطاع سيفوت غرضكم من جمال الحديقة وسعتها، فلكم الخيار في إمضاء البيع أو فسخه.
قال في زاد المستقنع:
"وَإِنْ بَاعَهُ دَارَاً عَلَى أنَّها عَشَرَةُ أذْرُعٍ، فَبَانَتْ أَكْثَرَ، أوْ أَقَلَّ: صَحَّ .
وَلَمِنْ جَهِلَهُ وَفَاتَ غَرَضُهُ: الخِيَارُ" انتهى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" قوله: وإن باعه داراً أو نحوها مما يذرع، كالأرض.
قوله: على أنها عشرة أذرع فبانت أكثر : فالبيع صحيح.
قوله: أو أقل صح، أي: وإن بانت أقل : فالبيع ـ أيضاً ـ صحيح .
لكن إذا بانت أكثر، فالزيادة تكون للبائع؛ لأنه باعها على صفة معينة، وهي أنها عشرة أذرع ، فبانت خمسة عشر ذراعاً، فنقول: الزيادة للبائع، فخذ من الخمسة عشر ذراعاً عشرة، وأعط البائع خمسة.
وكذلك إذا بانت أقل، بأن باعها على أنها عشرون ذراعاً فبانت خمسة عشر، فالبيع صحيح، والنقص على البائع، فيسقط من الثمن بمقدار ما نقص من الأذرع، والذي نقص إذا باعها على أنها عشرون فبانت خمسة عشر هو ربع الثمن، فالزيادة للبائع، والنقص على البائع.
قوله: ولمن جهله، وفات غرضه: الخيار أي: جهل المقدار، وفات غرضه: له الخيار . فاشترط المؤلف شرطين في ثبوت الخيار للمغبون.
مثال ذلك: اشترى إنسان هذه الأرض على أنها مائة متر، فتبين أنها تسعون متراً، فنقول: البيع صحيح؛ لأنه وقع على شيء معين معلوم بالمشاهدة، والتقدير اختلف، والتقدير يحاسب من عليه النقص بقدره، فإذا كان باعها بمائة ألف، فينقص من الثمن عشرة آلاف .
لكن إذا قال المشتري: أنا كنت أظن أن هذا التقدير صحيح، وقد خططت بأن أعمرها عمارة على هذه المساحة، والآن لما نقصت لا أريدها، فهل له الخيار؟
الجواب: نعم له الخيار؛ لأنه فات غرضه، فلما فات غرضه قلنا: لك الخيار" انتهى من الشرح الممتع (8/ 257).
والله أعلم.
تعليق