الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

أسئلة عن النجاسة وتطهيرها.

السؤال

كيف يمكنني غسل (النجاسة) بشكلٍ صحيح؟ يرجى توضيح الحالات التالية: 1. تنظيف النجاسة من على سطحٍ أملسٍ، سطح غير مساميّ مقابل مادةٍ مساميةٍ (سمعت أنك لا تحتاج إلى استخدام الماء على سطحٍ أملس). أيضاً كم مرة يجب أن يغسل بالماء؟ 2. كيف يمكننا جعل المراتب، الوسائد، وجميع المواد السميكة طاهرة؟ 3. كم عدد المرات التي يجب أن يغسل البول / النجاسة غير المرئية عن الملابس؟ أيضاً، هل يجب علينا عصرهمهم أو يكفي غسلها تحت الماء بنفس الكمية؟ 4. سمعت أنّه يمكننا غمر الملابس في وعاءٍ مملوءٍ بالماء حجمه 3 أضعاف حجم البول (لذلك دعونا نقول أن البول كان 100 مل، يمكننا غمر تلك المنطقة في 300 مل من الماء دون الحاجة إلى عصره). أو إذا وضعنا الملابس في حوض الاستحمام النجاسة لن تؤثر على الماء، هل هذا صحيح؟ إذا كان ذلك صحيحاً، ماذا عن النجاسة غير المرئية التي لا يمكن أن نراها؟ 5. هل تعتبر الغسالات جيدة للتخلص من النجاسة إذا كانت الدورة ليست 3؟ الملابس تخرج دون أثرٍ للنجاسة. 6.هذا ذو صلةٍ قليلاً، هل يمكنني استخدام المنظفات إذا أنا لا أعرف إذا كانت المنتجات الحيوانية المستخدمة فيها حرام؟ هل هذا سيجعل كل الملابس نجسة(خاصةً إذا كانت المنظفات تستخدم المنتجات الحيوانية)؟ أم هل كل المنظفات حلال لأنها لا تملك الخصائص الفيزيائية للحيوان؟ آسفة للكثير من الأسئلة ولكنّي بحثت في كل مكان ولم أستطع الحصول على إجابات. جزاكم الله خيرا

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

الأشياء الملساء الصقيلة يجوز تطهيرها بالمسح عليها على القول الراجح ، وهو قول مالك وأبي حنيفة؛ لأن العبرة بإزالة عين النجاسة .

قال الكاساني رحمه الله في "بدائع الصنائع" (1/85) :

"ولو أصابت النجاسة شيئا صلبا صقيلا، كالسيف والمرآة ونحوهما : يطهر بالحت .

رطبة كانت أو يابسة؛ لأنه لا يتخلل في أجزائه شيء من النجاسة، وظاهره يطهر بالمسح والحت" انتهى.

وقال الدسوقي المالكي في حاشيته على الشرح الكبير (1/ 77): "وحاصله أن كل ما كان صلبا صقيلا، وكان يخشى فساده بالغسل، كالسيف ونحوه : فإنه يعفى عما أصابه من الدم المباح ولو كان كثيرا خوفا من إفساد الغسل له" انتهى.

وقال النووي رحمه الله في المجموع (2/ 599): "إذا أصابت النجاسة شيئا صقيلا كالسيف والسكين والمرآة ونحوها لم تطهر بالمسح ولا تطهر إلا بالغسل كغيرها وبه قال أحمد وداود . وقال مالك وأبو حنيفة : تطهر بالمسح" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين :

"ما يمكن إِزالة النَّجاسة بِدَلْكِه، وذلك إِذا كان صقيلاً كالمرآة والسَّيف، ومثل هذا لا يتشرَّب النَّجاسة ؛ فالصَّحيح أنه يطهُر بالدَّلْكِ .

فلو تنجَّست مرآة، ثم دَلَكْتَها حتى أصبحت واضحة لا دَنَسَ فيها فإِنها تطهُر" انتهى من "الشرح الممتع" (1/426) .

ثانيا :

إذا أصابت النجاسة المراتب والفرش الكبيرة كالسجاد ونحوها : فإن تطهيرها يكون بصب الماء على الموضع النجس حتى يغلب الماء ما وقع من النجاسة ؛ ثم يقوم بشفط الماء المتنجس بالإسفنجة أو بغيرها من الآلات ، فإن زالت النجاسة بذلك ، ولم يبق لها أثر : فهذا هو المطلوب ، وإن لم تذهب أعاد غسلها مرة ثانية وثالثة حتى يغلب على ظنه زوالها ، وليس هناك تحديد بجعل الماء ضعف النجاسة ثلاث مرات أو غير ذلك .

ولا يجب عصر النجاسة ولا دلكها ما دامت النجاسة قد زالت .

وينظر جواب السؤال (239096) ، (213577) .

ثالثا :

لم يرد الشرع باعتبار العدد في غسل النجاسة ، إلا نجاسة الكلب فقط ، فإنها تغسل سبعا ، إحداهن بالتراب ، وأما غيره من النجاسات فلا يشترط لها عدد ، وإنما يجب غسلها حتى تزول النجاسة ، ولو كان ذلك بغسلة واحدة .

وينظر جواب السؤال رقم (163825) .

رابعا :

المعتبر في الماء الذي تزال به النجاسة أن يكون كثيرا ، بحيث يزيل النجاسة ولا يبقى لها أثر من لون أو رائحة ، من غير تحديد لكمية الماء .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/75) في تطهير نجاسة غير الكلب اوالخنزير ، هل يجب فيها العدد ؟ قال : "فيها روايتان – يعني : عن الإمام أحمد – إحداهما : يجب العدد فيها ، قياسا على نجاسة الكلب ... والثانية : لا يجب العدد ، بل يجزئ فيها المكاثرة بالماء من غير عدد حتى تزول عين النجاسة ، وهذا قول الشافعي " انتهى .

ولم نقف –بعد البحث- على قول لأحد العلماء أنه يكفي أن يكون الماء ثلاثة أضعاف النجاسة، بل الظاهر أن ذلك لا يكفي ، وأن هذا القدر من الماء ستؤثر فيه النجاسة وتغيره .

والذي وقفنا عليه : أن بعض العلماء اشترط لتطهير الأرض من النجاسة أن يكون الماء سبعة أضعاف النجاسة .

وهذا القول أقرب من القول السابق ، وإن كان ضعيفا هو الآخر ، لا نعلم دليلا على صحته .

قال النووي رحمه الله : "الواجب في إزالة النجاسة الذائبة من الأرض : المكاثرة بالماء ، بحيث تُستهلك فيه ..

وفيه وجه : أنه يشترط أن يكون الماء المصبوب سبعة أمثال البول ..

وهو وجه ضعيف ؛ والمذهب الأول " انتهى من "المجموع" (2/611) .

وعليه ؛ فالمعتبر أن يكون الماء كثيرا بحيث يزيل النجاسة ، من غير تحديد لكمية الماء .

خامسًا :

الراجح من أقوال العلماء : أن الماء إذا وقعت فيه نجاسة ، فإنه لا ينجس إلا إذا تغير بها ، كما لو تغير لونه أو ريحه .

وهذا هو مذهب المالكية ، ورواية عن الإمام أحمد ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، واختاره كثير من المعاصرين ، كالشيخ ابن باز وابن عثيمين وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء ، رحمهم الله .

وينظر جواب السؤال (224923) .

وعلى هذا ؛ فإذا وضعت الثياب النجسة في حوض الاستحمام ولم تغير الماء الذي فيه ، فالماء باقٍ على طهوريته ، ولا ينجس بذلك ، فإن تغير لونه أو ريحه بالنجاسة صار نجسا .

لكن ، على كل حال : ينبغي ألا توضع الثياب النجسة في حوض الماء ، مع الإمكان ، بل تغسل النجاسة من عليها أولا ، أو يصب الماء عليها ، دفعا للوسواس ، وخروجا من قول من قال إن الماء يتنجس بذلك من العلماء .

سادسا  :

إذا غسل الثوب النجس في الغسالة وزال عنه أثر النجاسة فقد طهر بذلك .

وينظر جواب السؤال (163825) .

سابعا :

وأما السؤال عن المنظفات وما إذا كانت مشتقة من أصل حيواني نجس ، فهذا فيه تفصيل :

فإذا كان أصل هذه المنظفات من حيوانات نجسة ، لكنها بعد تصنيعها ومعالجتها قد تحوَّلت لمادة أخرى تختلف في الصفات والخصائص عن العين النجسة التي تم استخراجها منها ، فلا حرج في استعمالها والتنظيف بها .

وأما إذا لم تتحول تحولا كاملاً ، بل بقيت محافظة على شيءٍ من صفاتها وخصائص العين النجسة التي أُخذت منها ، فلا يجوز استعمالها ، لأنها جزء من العين النجسة .

وما دمنا غير متأكدين من وجود هذه النجاسات ، فإن الأصل في هذه المنتجات أنها طاهرة حلال ، ولا ينبغي فتح باب الوساوس والشكوك والتكلفات .

والغالب أن ما كان مشتقا من ميتة أو نحوها مما لا يحل من الحيوان ؛ فإنها تكون قد تحولت عن حالتها الأولى ، فطهرت بهذه الاستحالة ، ولذلك فإننا نستعملها دون أن نلتفت إلى شيء من ذلك .

وينظر جواب السؤال (97541) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب