الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم تكليف محقق لإثبات زنا الزوج أمام القاضي الوضعي لتحصل على مبلغ أكبر .

264419

تاريخ النشر : 23-05-2017

المشاهدات : 8061

السؤال

صاحبة مجموعة في أحد مواقع التواصل خاص بالمسلمات الفرنسيات وتعليمهن أمور الدين تسألكم عن سؤال جاءها مراراً وهو كالآتي: امرأة فرنسية في فرنسا اكتشفت أن زوجها يزني ويريد طلاقها، تريد أن تدفع مالاً لمحقق خاص يقوم بمتابعته وإثبات ارتكاب زوجها الزنا أمام القاضي حتى لا يكون طلاقاً عادياً وتثبت أنه المخطئ ومن ثم تحصل على مبلغ أكثر مما لو كان الطلاق مجرد طلاق عادي، فما حكم ذلك؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الأصل منع المرأة من طلب الطلاق أو الخلع إلا لعذر؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) صححه الألباني في صحيح أبي داود.

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: ( إن المختلعات والمنتزعات هن المنافقات ) رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 1934

لكن إذا علمت الزوجة أن زوجها يزني : فهذا عذر يبيح لها الطلاق ، أو الخلع.

قال في الإنصاف (8/ 430): " إذا ترك الزوج حق الله، فالمرأة في ذلك كالزوج ؛ فتتخلص منه بالخلع ونحوه" انتهى.

ولا يجوز اتهام الزوج بالزنا دون بينة أو إقرار، ولا يجوز التجسس لإثبات ذلك، فإن التجسس إنما يباح لدفع منكر عند ظهور ريبة، وأما التجسس لإثبات التهمة على الزوج، فيدخل في عموم التحريم. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) الحجرات/12

وروى البخاري (5144) ومسلم (2563) عن أَبُي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلَا تَجَسَّسُوا) .

 وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ) رواه الترمذي (2032) وأبو داود (4880).

قال السفاريني في غذاء الألباب (1/ 263): "وأما تسور الجدران على من عُلم اجتماعهم على منكر : فقد أنكره الأئمة مثل سفيان الثوري وغيره ، وهو داخل في التجسس المنهي عنه .

وقد قيل لابن مسعود رضي الله عنه: إن فلانا تقطر لحيته خمرا ؟

فقال : نهانا الله عن التجسس.

وقال القاضي أبو يعلى في كتاب الأحكام السلطانية: إن كان في المنكر الذي غلب على ظنه الاستمرارُ به ، بإخبار ثقة عنه : انتهاكُ حرمة يفوتُ استدراكها ، كالزنا والقتل ؛ جاز التجسس عليه ، والإقدام على الكشف والبحث ، حذرا من فوات ما لا يُستدرك من انتهاك المحارم .
وإن كان دون ذلك في الرتبة : لم يجز التجسس عليه ، ولا الكشف عنه" انتهى.

ثانيا:

الحقوق المترتبة على الطلاق ، كالنفقة في العدة، والمتعة عند من يقول بها من الفقهاء، والمهر المؤجل إذا حل أجله ، أو كان متعارفا أن الزوجة تأخذه عند الطلاق، وأجرة الحضانة للأولاد: هذه الحقوق لا تختلف في حال كان الزوج زانيا، عن حال سلامته من ذلك.

ولا عبرة بالقضاء الوضعي الذي يقضي بتغريم الزوج في حال ثبوت زناه.

ولا يشرع التحاكم إلى القضاء الوضعي إلا عند تعذر الوصول إلى الحق بغيره، بشرط ألا يأخذ الإنسان إلا ما يحل له أخذه شرعا .

سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : ما حكم تحكيم القضاء الأمريكي في النزاع بين المسلمين في أمور الطلاق والتجارة وغيرها من الأمور ؟

فأجابوا : " لا يجوز للمسلم التحاكم إلى المحاكم الوضعية إلا عند الضرورة ، إذا لم توجد محاكم شرعية ، وإذا قضي له بغير حق له فلا يحل له أخذه " .

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (23/502).

وبهذا تعلمين: أنه لا يجوز أخذ ما يفرضه القضاء الوضعي، مما لا يحق للمطلقة شرعا .

ومن باب أولى : لا يحل التجسس لإثبات شيء من ذلك .

وانظري في حقوق المطلقة: جواب السؤال رقم (82641).

 ثالثا:

اعلمي أن فراقك من زوجك لا يتم إلا بتطليقه لك، أو بقبوله الخلع، أو بحكم القاضي الشرعي، أو المركز الإسلامي الذي يقوم عليه علماء شرعيون يفصلون في هذه المسائل .

وأما القضاء المدني: فلا عبرة بتطليقه، ولا يحسب طلاقا ، ما لم يطلق الزوج، أو يطلق عليه المركز الإسلامي.

وانظري جواب السؤال رقم (127179).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب