الحمد لله.
الحديث الوارد في السؤال ليس له أصل ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بهذا السياق .
وقد ورد لبعض فقراته نظائر في معناها ، بأسانيد صحيحة .
فالفقرة الأولى منه جاء لها شاهد يدل على أنه سيكون في الناس من تمرج عهودهم ؛ أي تختلط عهودهم وتضيع أمانتهم . كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ زَمَانٌ يُغَرْبَلُ النَّاسُ غَرْبَلَةً ، وَيَبْقَى حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ ، وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا ) وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ .
قَالُوا: فَكَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: ( تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ ، وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ ، وَتَدَعُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ ) .
والحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6508) ، وأبو داود في "سننه" (4342) ، و وذكره البخاري في "صحيحه" (480) معلقا بصيغة الجزم ، وصحح إسناده ابن حجر في "الفتح" (13/39) ، وصححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (205).
وأما الفقرة الثانية وهي أنه سيكون في الناس من يقولون ما لا يفعلون ، فجاء معناها في حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ ، يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ ، يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ ). أخرجه مسلم في صحيحه (50) .
والحاصل : أن الحديث المذكور في السؤال : ليس مرويا عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا السياق .
وقد ورد في الأحاديث الصحيحة ، ما يغني عن تكلف إيراد هذا الحديث الباطل .
والله أعلم .
تعليق