الجمعة 28 جمادى الأولى 1446 - 29 نوفمبر 2024
العربية

شاب وعد فتاة بالزواج، ثم أخلف، فانتحرت

265993

تاريخ النشر : 08-12-2017

المشاهدات : 90999

السؤال

حكم من تعرف على بنت علي الإنترنت ، ووعدها بالزواج ثم تركها ، هو لا يعرفها إلا عن طريق الانترنت ، والبنت انتحرت لأنه تركها ، فهل يأثم ذلك الشاب بما فعلت البنت بنفسها ؟ أم أنها تحمل إثم انتحارها والشاب لا دخل له في ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.

القتل يكون بالمباشرة أو بالتسبب.

ومادامت هذه الفتاة هي التي باشرت قتل نفسها بنفسها، بقي النظر في التسبب.

والمتسبب: " هو الذي يحدث أمرا يؤدي إلى تلف شيء آخر بحسب العادة، إلا أن التلف مباشرة لا يقع منه، وإنما بواسطة أخرى هي فعل فاعل مختار " انتهى، من "الفقه الإسلامي وأدلته" للدكتور وهبة الزحيلي (7 / 5646).

وما حصل من هذا الشاب لا يعدّ تسببا، فإعراضه عن الزواج بهذه الفتاة لا يتسبب عادة إلى قتل الفتاة لنفسها.

فالحاصل؛ أن هذا الشاب لا يعتبر مسؤولا عن انتحار هذه الفتاة.

لكنه يعدّ ظالما لها من وجهين:

الوجه الأول: أنه جرها إلى تلك العلاقة المحرمة ، علاقة شاب بفتاة أجنبية عنه ، أو في أقل أحواله : شاركها في ذلك الفعل المحرم ، سواء بسواء ، وتمادى معها فيه ؛ فأعانها على المعصية ، وغشها ، ولم ينصحها .

قال الله تعالى : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ ) الأعراف/200-202

أي: أي وقت، وفي أي حال (يَنزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نزغٌ) أي: تحس منه بوسوسة، وتثبيط عن الخير، أو حث على الشر، وإيعاز إليه. (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) أي: التجئ واعتصم بالله، واحتم بحماه فإنه (سَمِيعٌ) لما تقول. (عَلِيمٌ) بنيتك وضعفك، وقوة التجائك له، فسيحميك من فتنته، ويقيك من وسوسته، كما قال تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) إلى آخر السورة.

ولما كان العبد لا بد أن يغفل وينال منه الشيطان، الذي لا يزال مرابطا ينتظر غرته وغفلته، ذكر تعالى علامة المتقين من الغاوين، وأن المتقي إذا أحس بذنب، ومسه طائف من الشيطان، فأذنب بفعل محرم أو ترك واجب - تذكر من أي باب أُتِيَ، ومن أي مدخل دخل الشيطان عليه، وتذكر ما أوجب الله عليه، وما عليه من لوازم الإيمان، فأبصر واستغفر الله تعالى، واستدرك ما فرط منه بالتوبة النصوح والحسنات الكثيرة، فرد شيطانه خاسئا حسيرا، قد أفسد عليه كل ما أدركه منه.

وأما إخوان الشياطين وأولياؤهم، فإنهم إذا وقعوا في الذنوب، لا يزالون يمدونهم في الغي ذنبا بعد ذنب، ولا يقصرون عن ذلك، فالشياطين لا تقصر عنهم بالإغواء، لأنها طمعت فيهم، حين رأتهم سلسي القياد لها، وهم لا يقصرون عن فعل الشر." انتهى، من "تفسير السعدي" (313).

الوجه الثاني: أنه وعدها ثم أخلف وعده ؛ فإذا كان لاعبا من أول الأمر ، غير جاد في أمر الزواج ، إنما يمنيها ويرغبها به ، من أجل أن تستمر في العلاقة معه : فقد جمع أنواعا من رذائل الأخلاق : تواصل مع فتاة لا تحل له ، ثم كذب عليها ، وغشها ، ومنهاها ، ثم أخلف وعدها الذي صدقته فيه !!

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ) رواه البخاري (33) ومسلم (59).

فعلى هذا الشاب، أن يتوب إلى الله تعالى، ويترك هذه الصداقات المحرمة، وليتذكر أنها ستتحول يوم القيامة إلى عداوة وندامة.

قال الله تعالى:

( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف (67).

ولينظر كيف صار مآل تلك العلاقة المحرمة ؟

وكيف كانت نتيجة : اللهو واللعب ، والغش والكذب ؟!

حتى ، وإن لم يكن قاتلا ، يحل وزر الدم الحرام ، والنفس التي زهقت ؛ فكيف بالكذب ، والغش ، والغدر في الوعد ؟!

فليتب ذلك الشاب إلى ربه ، وليسأله العفو والمعافاة ، وليجعل ذلك الدرس بدءا لصفحة جديدة من الجد ، والاستقامة على طاعة رب العالمين .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب