الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

مكتبة لا تعطي الكتب الموقوفة إلا لمن يشتري كتبا بثمن معين

266386

تاريخ النشر : 02-05-2017

المشاهدات : 9583

السؤال

عندنا في بعض المكتبات التي تبيع الكتب الدينية إلى جانب غلاء الأسعار أكثر من المعتاد يقومون في بعض الأحيان عندما تتوفر لهم بعض الكتب الوقفية التي تقوم بتوزيعها بعض وزارات الأوقاف لا يعطون هذه الكتب لطلبة العلم إلا عند شراء مجموعة من الكتب الأخرى بثمن معين (مثال من يشتري بما قيمته 100دينار له هذا الكتاب هدية (كتاب وقف) وإذا طلبت منهم الكتاب من غير شراء لا يمكنوك منه ما حكم ذلك بارك الله فيكم ؟

الجواب

الحمد لله.

الواجب على من أخذ كتبا موقوفة أن يوزعها بحسب شرط الواقف، فإن شرط إعطاءها لطلبة العلم، أو للأساتذة، أو لفقراء الطلبة، أو غير ذلك: عمل بشرطه؛ لأن الأصل وجوب العمل بشرط الواقف.

جاء في الموسوعة الفقهية (44/ 131): " الوقف قربة اختيارية، يضعها الواقف فيمن يشاء ، وبالطريقة التي يختارها، وله أن يضع من الشروط عند إنشاء الوقف: ما لا يخالف حكم الشرع.

والشروط التي يضعها الواقف يجب الرجوع إليها، ولا يجوز مخالفتها إذا لم تخالف الشرع، أو تناف مقتضى الوقف؛ إذ إن شرط الواقف، كنص الشرع ، كما يقول الفقهاء.

ففي حاشية ابن عابدين: شرائط الواقف معتبرة إذا لم تخالف الشرع ، وهو مالك، فله أن يجعل ماله حيث شاء، ما لم تكن معصية، وله أن يخص صنفا من الفقراء، ولو كان الوضع في كلهم قربة.

وفي الشرح الكبير للدردير: واتبع وجوبا شرط الواقف إن جاز شرعا، فإن كان غير جائز لم يُتَّبع.

ونص الشافعية على أن الأصل: أن شرائط الواقف مرعية ، ما لم يكن فيها ما ينافي الوقف .

ونص الحنابلة على ما قاله الشيخ تقي الدين ابن تيمية: الشروط إنما يلزم الوفاء بها إذا لم تفض إلى الإخلال بالمقصود الشرعي، ولا يجوز المحافظة على بعضها مع فوات المقصود الشرعي" انتهى.

وعليه : فإذا لم تشترط جهة الوقف ما ذكرتَ ، من إعطاء الكتب لمن يشتري من المكتبة : فلا يجوز للمكتبة إلزام أحد بذلك، ويلزمها توزيع الكتب بحسب تحديد الجهة كما سبق.

وليُعلم أن صنيع المكتبة هذا يتضمن حيلة على الاعتياض عن الوقف، والوقف لا يجوز بيعه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أراد أن يوقف نصيبه من خيبر: ( تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ ، لَا يُبَاعُ ، وَلَا يُوهَبُ ، وَلَا يُورَثُ ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ ) رواه البخاري (3764) ، ومسلم (1633).

قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم :

"وَفِي هَذَا الْحَدِيث : دَلِيل عَلَى أَنَّ الْوَقْف لَا يُبَاع وَلَا يُوهَب وَلَا يُورَث" انتهى .

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (16/ 24): " س: هناك بعض الكتب والأشرطة يبعثها بعض الإخوة والمؤسسات الخيرية ليست موقوفة، أي: ليس مكتوب على الغلاف: (وقف لله تعالى) ، أو يهدى ولا يباع، يكتب عليها ثمن الكتب، فهل يجوز بيعها عند الاستغناء عنها؟ وهل يجوز بيعها من أجل شراء كتب وأشرطة أخرى؟

ج: ما يوزع من الكتب والأشرطة مجانا من قبل المتبرعين والمؤسسات الخيرية- يعتبر وقفا ؛ فلا يجوز بيعه، ولا التجارة به، ومن استغنى عنه دفعه إلى من هو محتاج إليه.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ... الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

وجاء فيها (16/ 26): " س: هل يجوز استبدال كتب مكتوب على غلافها (وقف لله تعالى) بأخرى من نفس العنوان ، أو من عنوان مختلف ، من أجل بيعها؟

ج: كتب الوقف ينتفع بها من هي بيده، فإذا استغنى عنها دفعها لمن يحتاج إليها، ولا يجوز بيعها بدراهم أو بكتب أخرى، وأما استبدال الكتب الموقوفة بكتب أخرى موقوفة من أجل الانتفاع بها فلا حرج فيه؛ لأنه ليس بيعا. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ بكر أبو زيد ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

فينبغي نصح القائمين على هذه المكتبات أن يتقوا الله تعالى، وألا يتخذوا من توزيع الوقف وسيلة لجلب المال، فإن ذلك محرم، وأن يوزعوا الكتب كما أرادت الجهة الواقفة أو يدعوا هذا لغيرهم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب