الحمد لله.
أصل الإيمان يكون في القلب ومن أجل هذا فإن النية لها أكبر الاعتبار في الشريعة الإسلامية وإلى هذا جاءت الإشارة في الحديث الذي يعده العلماء نصف دين الإسلام وابتدأ به كثير من العلماء كتبهم كالبخاري رحمه الله في صحيحه فيما أخرجه عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ البخاري (1) وفي رواية مسلم: فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ. مسلم 3530، وبناءً على هذا فإن للمسألة شقين:
- أما الأول فهو ما يتعلق بقبول هذا الإسلام عند الله تعالى فالحديث يدل على عدم قبوله إن لم تكن له نية إلا هذا الأمر ولم يدخل الإيمان إلى قلبه.
- وأما الثاني فهو ما يتعلق بإجراء أحكام الإسلام الظاهرة عليه، فهذا الشخص لو نطق بالشهادتين وأتى بشعائر الإسلام ولم يأتِ بناقض من نواقضه فإنه يُعامل معاملة المسلمين، ويمكن قبول زواجه من هذه المسلمة؛ وذلك لأننا مأمورون شرعا بمعاملة الناس بما يظهر من حالهم ولم نؤمر بالتنقيب عما في قلوبهم كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَمْ أُؤمَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ البخاري 4004 مسلم 1763.
ولعل هذا الشخص إن دخل في الإسلام ولو بهذه النية أن يَطَّلِعَ على ما في الإسلام من كمال وما فيه من ترغيب في صدق النية فيصدق مع الله تعالى ويَحسُن إسلامه ويقبله الله منه، و يمكن لمن له علاقة بهذا الشخص أن ينصحه بأن يكون قصده الأول إرادة وجه الله والدخول في حقيقة الإسلام، ويكون الزواج تابعاً وسبباً للدخول في هذه النعمة لا مقصداً وغاية، ويمكن لهذه الفتاة أن تجعل الزواج منها مُرَغِّباً لهذا في إسلامه كما وقع من أم سليم رضي الله عنها في زواجها من أبي طلحة رضي الله عنه فعَنْ أَنَسٍ قَالَ تَزَوَّجَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَكَانَ صَدَاقُ مَا بَيْنَهُمَا الإِسْلامَ أَسْلَمَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قَبْلَ أَبِي طَلْحَةَ فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَإِنْ أَسْلَمْتَ نَكَحْتُكَ فَأَسْلَمَ فَكَانَ صَدَاقَ مَا بَيْنَهُمَا. النسائي3288 وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 3133.
وأما تعليل القبول ـ الذي ورد في السؤال ـ بزيادة عدد المسلمين فغير صحيح، لأن زيادة عدد المسلمين، وإن كانت أمراً حسناً و مقصوداً إلا أنه ليس من أسباب قبول من ادعى الإسلام ولم يؤمن به حقيقة، لأن الإسلام يهتم بالكيف والكم لا بالكم فقط، والصادق في دينه خير من ألف من الكاذبين فيه.
ولمزيد الفائدة، ينظر هذه الأجوبة: 74976، 190033، 20227، 257953.
والله أعلم.
تعليق