السبت 8 جمادى الأولى 1446 - 9 نوفمبر 2024
العربية

حكم زواج المسيار, وهل يجوز له أن يخفي عن زوجته أمرا يترتب على جهلها به سقوط شيء من حقوقها؟

267661

تاريخ النشر : 04-11-2017

المشاهدات : 98032

السؤال

تساؤلات مهمة عن زواج المسيار ، بعض الشيوخ أجازو زواج المسيار ، وأنا لدي بعض المسائل التي تحتاج إلى توضيح ليكون الزوجان على بينة من أمرهم ؛ حماية لهم من الاختلاف والمشاكل مستقبلا ، زواج المسيار على حسب علمي تتنازل فيه المرأة عن النفقة أو توفير المسكن أو الإنجاب ، بعض هذه الثلاثة أو جميعها. فالسؤال هل يجوز وضع هذا الاتفاق في العقد كشرط أم يكون فقط اتفاقا كلاميا؟ وكما نعلم أن هذه الأمور من حقوق المرأة التي شرعها الله لها ، وخاصة النفقة ، وهي من قوامة الرجل على المرأة ، وفي كلا الحالتين هل يجوز للمرأة التراحع عن تنازلها بعد الزواج والمطالبة بأحد حقوقها أو جميعها التي تنازلت عنها ؟ ثانيا: بعض الرجال يريدون الزواج مسيار بعلم أهل الزوجة ووليها طبعا ، ولكن بدون علم أهله ، فهل يجوز أن يخفي هذا الزواج عن أهله سواء كان عزبا أو متزوجا ؟ مع علمنا إن إخفاء الزواج عن أهله قد يسبب مشاكل ، مثلا في حالة وفاة الزوج فجأة أو في غيرها من الحالات. وأخيرا هل يجوز للرجل أن يخفي عن المرأة هذه الأحكام؟ مثلا إذا كان يجوز أن تتراجع عن تنازلها ، وتطالب بالنفقة بعد الزواج ، فهل يجوز أن يخفي هذا عنها ، ويحتج بالاتفاق الذي بينهم قبل الزواج ، ولا يذكر أن من حقها شرعا أن تطالب بالنفقة إذا أرادت حتى وإن اتفقا قبل الزواج ، ويتهرب من ذكر هذا الحق لها وهي لا تعلم ؟ وقس على هذا باقي الأحكام التي سألت عنها مثل إخبار أهله ، أم إنه يجب أن يبين لها حقوقها في زواج المسيار وخاصة إن كان يعلمها؟ أرجو الإجابة عن جميع هذه التساؤلات بالأدلة .

الجواب

الحمد لله.

الاجابة

أولا:

زواج المسيار هو زواج مستوفي الشروط والأركان ، ولكن تتنازل الزوجة فيه عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها مثل النفقة والمبيت عندها  وهو جائز ولا حرج فيه، وقد صدر بذلك بيان من مجمع الفقه الإسلامي، كما سبق بيانه في الفتوى رقم (85369).

وسواء اتفق الزوجان على سقوط هذه الحقوق أو بعضها كتابة في العقد أو مشافهة كل ذلك جائز ويلزم الوفاء به، لقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة: 1] ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (المسلمون على شروطهم) . رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في صحيح أبي داود . 

ثانيا:

إذا اتفق الزوجان على إسقاط بعض هذه الحقوق من المبيت والنفقة ونحو ذلك ثم أرادت الزوجة التراجع والمطالبة بهذه الحقوق مستقبلا فهذا مما اختلف فيه أهل العلم فذهب جمهورهم إلى أنه يجوز لها أن تتراجع عن هذا الاتفاق وتطالب بحقوقها مستقبلا ويلزم الزوج أن يوفيها حقوقها حينئذ، وذهب فريق آخر إلى أنه لا يجوز لها ذلك وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم (239992) ورجحنا في الفتوى المحال عليها وغيرها أن هذا الشرط لازم للمرأة ما دامت قد رضيت به ابتداء، فلا يجوز لها أن تتراجع عن ذلك وتطالب بتلك الحقوق التي تنازلت عنها، ويراجع لمزيد من التفصيل الفتوى رقم (242289).

ثالثا:

لا حرج على الرجل - سواء سبق له الزواج قبل ذلك أم لم يسبق- أن يخفي أمر زواجه عن أهله ، فإنه لا يشترط في حق الزوج أن يعلم أهله بالزواج طالما كان بالغا رشيدا، ولا يؤثر ذلك على صحة الزواج، ولكن قد يمنع هذا الفعل لا لذاته ولكن إن ترتب عليه مفسدة من المفاسد، ومن هذه المفاسد على سبيل المثال:

  1. كسر قلوب والديه مثلا؛ فإن الولد بالنسبة لوالديه هو فلذة الكبد وثمرة الفؤاد، وإن الوالدين ليراقبان ولدهما في كل مرحلة عمرية، ويفرحان معه في كل مناسبة سارة؛ لا سيما الزواج الذي هو من أهم المراحل في حياة الشخص، فإن الوالدين يفرحان بزواج ولدهما فرحا كبيرا ، فهل يليق أن يأتي الولد بعد كل هذا ويخفي زواجه عن والديه؟ فيكسر بذلك قلوبهما ويخيب آمالهما؟
  2. أن يؤدي إخفاء ذلك إلى قطيعة الرحم فإن الزواج ينتج منه في الغالب ذرية وهذه الذرية تطالب بصلة أرحامها كأعمامهم وأجدادهم، ولا شك أن الاستمرار في إخفاء الزواج يضيع حقوق الأقربين في البر والصلة.
  3. أن يؤدي إلى ضياع حق مالي ؛ فإن الزوج إذا مات ولم يكن موثقا لهذا الزواج فإن أقاربه قد يجحدون حق أولاده وزوجته في الميراث .

والخلاصة في هذه المسألة أن إخفاء الرجل لزواجه عن أهله لا يؤثر في صحة الزواج مطلقا، وهو أيضا جائز من حيث الأصل إلا إذا ترتب عليه مفسدة من المفاسد التي ذكرناها أو ما شابهها.

وبذلك يتبين أنه لا يلزم الزوج أن يخبر زوجته بأن لها التراجع فيما تنازلت عنه من حقها في المبيت والقسم والنفقة ونحو ذلك ، لما ذكرنا من أن هذه مسألة مختلف فيها بين أهل العلم ، ولا يلزمه أن يخبرها بأمثال ذلك من مسائل الخلاف ؛ فكيف إذا كان القول الراجح : أن هذا الشرط لازم للمرأة لا تملك التنازل عنه أصلا.

وإنما يلزمه أن يخبرها بما تحتاجه ، وتسأل عنه في أمر دينها ، وأما ما لم تحتجه فعلا من أمر الدين ، أو لم يأت وقت حاجتها إليه ، أو لم تسأل عنه ابتداء : فلا يظهر وجه لإلزامه بإخبارها به .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب