الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

استخدام مياة بئر المسجد فى البيت

268476

تاريخ النشر : 16-12-2017

المشاهدات : 13518

السؤال

بنى والدى الدور الأول من بيتنا مسجدا، ونظرا لكثرة انقطاع المياة فى الحى فقد قمت بحفر بئر أمام المسجد على نفقتى ليتمكن المصلين من الوضوء أثناء انقطاع المياة ، ووهبت ثوابها ألى روح أبى وأمى المتوفين ، فهل يجوز لى أن اركب ماسورة مياة لبيتى فى الأدوار العلوية ، اى استخدمها استخداما شخصىا ؟ علما بأن ذلك لا يؤثر على المسجد ، وقد استفيت أحد المشايخ فقال : بأن ذلك لا يجوز ؛ لأن هذة البئر وقف لله تعالى ، فلا يجوز استعمالها فى الاستعمال الشخصى .

الجواب

الحمد لله.

لا يخلو حال السائل من حالين :

الحال الأولى : أن يشترط أن ينتفع بماء الماء البئر على الوجه الذي ذكره عند عقد الوقف ، أو ينوي ذلك من غير لفظ ، أي : أن يكون في نيته عند حفر البئر ووقفها على المسجد ، أنها له وللمسجد ، فهذا الشرط اختلف العلماء في جوازه .

والصحيح صحة الشرط والوقف .

وعليه : فيجوز في هذه الحالة أن تستفيد من ماء البئر في حاجاتك الشخصية وفي المنزل .

قال ابن رجب في قواعده (1/230):

" القاعدة الثانية والثلاثون: يصح عندنا استثناء منفعة العين المنتقل ملكها من ناقلها مدة معلومة.

ويتخرج على ذلك مسائل ..

ومنها : الوقف ، يصح أن يقف ، ويستثني منفعته مدة معلومة أو مدة حياته ؛ لأن جهالة المدة هنا لا تؤثر ؛ فإنها لا تزيد على جهالة مدة كل بطن بالنسبة إلى من بعده " انتهى.

وجاء في منتهى الإرادات وشرحه للبهوتي (2/403) ط عالم الكتب : " (وإن وقف) شيئا (على غيره واستثنى غلته) كلها (أو) استثنى (بعضها له) أي : الواقف مدة حياته ، أو مدة معينة ، صح . (أو) استثنى غلته أو بعضها (لولده) أي : الواقف كذلك : صح . (أو) استثنى (الأكل) منه (أو) استثنى (الانتفاع) لنفسه (أو لأهله ، أو) اشترط أنه (يطعم صديقه) منه (مدة حياته ، أو مدة معينة : صح) الوقف والشرط " انتهى .
 

وجاء في المغني (6/8) لابن قدامة رحمه الله  : .. الواقف إذا اشترط في الوقف أن ينفق منه على نفسه : صح الوقف والشرط ، نص عليه أحمد . قال الأثرم : قيل لأبي عبد الله : يشترط في الوقف أني أنفق على نفسي وأهلي منه ؟ قال: نعم . واحتج ، قال: سمعت ابن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه عن حجر المدري أن في صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – (أن يأكل منها أهله بالمعروف غير المنكر) .

وقال القاضي: يصح الوقف رواية واحدة ؛ لأن أحمد نص عليها في رواية جماعة . وبذلك قال ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، وأبو يوسف ، والزبير ، وابن سريج .

وقال محمد أنور شاه الكشميري في "فيض الباري" (4/145):

" يَصِحُّ أن يَشْترِط الوَاقِفُ ، ولم يَذْكُر نَفْسَه في اللفظ ، ونوى به : ينبغي أن يكون صحيحًا ؛ وذلك لأنهم اختلفوا في باب الأَيْمان ، أنه هل يُعتبرُ التَّخصِيصُ في اللفظ العام ؟ فَذَهب الخَصَّافُ إلى أنه يُعْتبر قضاءً ، وديانةً ، فإِنْ قال : والله لا آكل طعامًا ، ونوى به طعامًا دون طعام ، صُدَّق عنده .

وقال الآخرون : يُعتبر دِيانةً ، لا قضاءً .

قلت : فإِذا اعتُبرت النِّيةُ في تخصيص العام ، ينبغي أن تُعتبر في باب الوَقْف أيضًا ، فلا بُدَّ أن يُسأل عن نِيته " انتهى.

الحال الثانية : إذا لم يكن السائل اشترط الانتفاع لبيته في نفس عقد الوقف ، ولا نوى ذلك، بأن عرضت حاجته إلى الماء بعد مضي مدة على لزوم الوقف ، فلا يجوز له ذلك لأنه استعمال للوقف في غير ما وقف له .

قال الشيخ خالد المشيقح ، حفظه الله :

"يتفق الأئمة الأربعة على أن الأصل في شروط الوقف : الحل والصحة ، وأن العمل بها واجب، على الواقف وعلى غيره ، ناظرا كان أو حاكما أو قاضيا ، ما لم تكن هذه الأمور مخالفة للشرع، أو لمقتضى الوقف ، وما لم تقتض الضرورة والمصلحة مخالفتها.

لقوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) [المائدة/1] ؛ والأمر بإيفاء العقد يتضمن أصله ووصفه ، ومن وصفه : الشرط فيه .

وقوله تعالى في الوصية : ( فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم ) [البقرة/181] ، والوقف كالوصية .

وفعل عمر رضي الله عنه ؛ فقد شرط شروطا ، ولو لم يكن اتباع تلك الشروط واجبا على من يلي وقفه ، لكان اشتراطها خاليا من الفائدة وعبثا " انتهى بتصرف من "الجامع لأحكام الأوقاف والوصايا والهبات" للمشيقح (2/89).

وما دمت قد اشترطت أن ماء هذه البئر لهذا المسجد ، فلا يجوز صرف الماء إلى غير ذلك .

والخلاصة :
أن من شرط منفعة معينة من الوقف ، أو مد معينة ، أو أشرك نفسه في منفعته ، أو نحو ذلك من الشروط : فهذا الشرط جائز على أصح قولي العلماء ، ما دام القدر الذي يستهلك من منفعة البئر لا يضر بالمسجد ، إذا كان الواقف اشترط ذلك في صلب عقد الوقف ، أو نواه.

فإن لم يشترط أو ينو ذلك في صلب عقد الوقف ، فلا يجوز له الانتفاع به في غير ما اشترط في الوقف ؛ لأنه تغيير في شرط الوقف بعد نفوذه ، والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب