الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم ذبيحة الأقلف

السؤال

قرأت وسمعت أن هناك علماء من المذهب الحنبلي قالوا : إنه لا يجوز على وجه التحريم أو الكراهة الأكل من ذبائح المسلمين أو أهل الكتاب إن لم يكونوا مختونين ، فما هي المذاهب التي تتحدث عن هذا الأمر ؟ وما هو المعتمد في المذهب ؟ وهل هناك أي فرق بين المسلمين والكتابيين غير المختونين فيما يخص ذبح الحيوانات؟

ملخص الجواب

ملخص الجواب :  أن الأقلف غير المختون، تؤكل ذبيحته ، سواء كان مسلما أو كتابيا.

الجواب

الحمد لله.

نعم، هناك رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى، يقول فيها : إن الأقلف – غير المختون- لا تؤكل ذبيحته.

جاء في "الوقوف والترجل" للخلال (ص 146): " قال حنبل: سمعت أبا عبد اللّه قال:

لا تُؤْكَل ذبيحة الأقلف. ولاصلاة له. ولا حجّ حتّى يتطهّر. هي تمام الإسلام " انتهى.

واعتمد في هذا على قول ابن عباس رضي الله عنهما.

قال الزركشي رحمه الله تعالى:

" (وعنه) : لا تصح ذكاة الأقلف، اعتمادا في ذلك على ابن عباس - رضي اللّه عنهما " انتهى، من "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (6 / 660).

وأثر ابن عباس رضي الله عنه رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 701)، بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ( الْأَقْلَفُ : لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَلَا تُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ، وَلَا تُؤْكَلُ لَهُ ذَبِيحَةٌ ).

وصححه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى؛ حيث قال:

" عن ابن عباس: ( لا تقبل شهادة الأقلف، ولا تقبل صلاته، ولا تؤكل ذبيحته ) :

أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح. وأخرجه عبد الرزاق والبيهقي في الشعب من طريقه " انتهى. "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" (2 / 173).

وينظر: "التحجيل" (ص 17).

لكن الذي استقر عليه المذهب : هو القول بجواز أكل ذبيحة الأقلف.

قال المرداوي رحمه الله تعالى :

" قوله: "ويشترط للذكاة شروط أربعة؛ أحدها، أهلية الذابح، وهو أن يكون عاقلا". ... 

وقد دخل في كلام المصنف، رحمه الله، الأقلف، وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب " انتهى. من" الإنصاف" (27 / 287).

والجواز الذي عليه المشهور من مذهب الحنابلة ، هو الموافق لقول جماهير أهل العلم.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" جمهور أهل العلم لا يرون بأكل ذبيحته بأسا، إذا وقعت بها الذكاة كاملة " انتهى، من "الاستذكار" (26 / 245).

وهو كذلك الراجح؛ لأنه لم يخرج بتركه للختان عن دائرة الإسلام، ولأنّ الكتابي النصراني تجوز ذبيحته والغالب في النصارى عدم الختان، فالمسلم أولى منه.

قال أبو بكر ابن المنذر رحمه الله تعالى:

" واختلفوا في أكل ذبيحة الأقلف:

فممن قال لا تؤكل ذبيحته: ابن عباس، والحسن البصري، وقد اختلف فيه عن الحسن البصري.

وقال حماد بن أبي سليمان: لا بأس به، وهو يشبه مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور، وعوام أهل الفتيا من علماء الأمصار.

قال أبو بكر: وبه نقول؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ لما أباح ذبائح أهل الكتاب ، وفيهم من لا يختتن :  كانت ذبيحة المسلم الذي ليس بمختون أولى. وقال الله: ( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) الآية، وهذا دخل في جملة ذلك " انتهى. "الإشراف" (3 / 434 - 435).

وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" وعن ابن عباس رضي الله عنه: ( لا تؤكل ذبيحة الأقلف ). وعن أحمد : مثله.

والصحيح : إباحته؛ لأنه مسلم، فأشبه سائر المسلمين .

وإذا أبيحت ذبيحة القاذف والزاني وشارب الخمر، مع تحقيق فسقه، وذبيحة النصراني وهو كافر أقلف ؛ فالمسلم أولى " انتهى. "المغني" (13 / 293).

وقد أورد على المنع من ذبيحة الأقلف : ذبيحة الكتابي ، كما سبق ذكره ؛ فإن غالبهم لا يختتون ، وذبيحتهم حلال .

قال البخاري رحمه الله تعالى: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ( طَعَامُهُمْ: ذَبَائِحُهُمْ ).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وقال ابن عباس: ( طَعَامُهُمْ ذَبَائِحُهُمْ ) ... وهو موصول عند البيهقي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ) قال: ذبائحهم.

وقائل هذا يلزمه أن يجيز ذبيحة الأقلف لأن كثيرا من أهل الكتاب لا يختتنون، وقد خاطب النبي صلى الله عليه وسلم هرقل وقومه بقوله ( يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ) .

وهرقل وقومه ممن لا يختتن ، وقد سُّموا أهل الكتاب " انتهى. "فتح الباري" (9 / 637).

والخلاصة؛ أن الأقلف غير المختون، تؤكل ذبيحته ، سواء كان مسلما أو كتابيا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب