الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

يقترض ذهبا ويوكل المقرض في بيعه ويستلم منه نقودا

268684

تاريخ النشر : 26-01-2020

المشاهدات : 3785

السؤال

ما الحكم الشرعي في إقراض الآخرين ذهبا، وتسليمهم قيمته مالا؛ مثل إقراض شخص 100 جرام ذهبا مع توكيل المقترض للمقرض في بيعها، بحيث يتسلم المقترض مالا بدلا من استلام الذهب؛ لصعوبة بيعه بالنسبة له، وعند الرد يتم رد الذهب، أو ما يقابله مالا برضا الطرفين، مع التأكيد على أن المقترض لن يتسلم الذهب لوجوده في بلد آخر، ولكنه سيوكل المقرض في بيعه ؟ وهل يغير في الحكم الشرعي للمسألة وجود التراضي الكامل بين الطرفين، وأن الأمر ليس قرضاً بالمعنى الكامل، إنما هو على سبيل التعاون، فإن استطاع رده كان بها، وإلا رد ما يستطيع، أو يكون في حل من الرد أصلاً في حالة عدم الاستطاعة، أي انه ليس دينا بالمعنى الحقيقي للدين ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجوز أن يقرض الإنسان غيره ذهبا؛ إذ كل ما جاز بيعه من مكيل وموزون ومذروع ومعدود، جاز قرضه، إلا العبيد يجوز بيعهم ولا يجوز قرضهم. وينظر: "كشاف القناع" (3/ 314).

ومن اقترض ذهبا لزمه أن يرده ذهبا، ولا يجوز أن يتفقا على رده نقودا؛ لأن هذا جمع بين القرض والصرف المؤجل، والصرف المؤجل ربا.

لكن يجوز في يوم السداد –دون اتفاق سابق- أن يتراضيا على أخذ البدل، فضة أو نقودا.

جاء في "قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم": 75 (6/ 8) بشأن قضايا العملة، ما يلي:

" ثانياً: يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد. وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة، الاتفاق يوم سداد أي قسط على أدائه كاملاً بعملة مغايرة بسعر صرفها في ذلك اليوم.

ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة" انتهى من "مجلة المجمع" (ع 3، ج 3 ص 1650).

وينظر: جواب السؤال رقم : (99642) .

ثانيا:

إذا لم يتمكن المقترض من قبض الذهب، والتصرف فيه بنفسه: فينبغي عليه أن يوكل من طرفه شخصا آخر، سوى المقرض، يقبض منه الذهب ، ويبيعه له ، ليتحقق قبض الذهب من المقرض، وينأى عن شبهة التحيل على الربا ، إذا لم يكن هناك ذهب حقيقي ، وإنما قدر المقرض قيمة ماله ـ القرض ـ بما يساويه ذهبا.

فإن لم يمكنه ذلك ، واحتاج المقترض إلى ذلك ، وتحقق أن المقرض سوف يقرضه ذهبا حقيقة ، ويتوكل عنه في بيعه أو التصرف فيه بما يطلبه المقترض ؛ فلا حرج في توكيل المقترض للمقرض في بيع الذهب، بحيث يستلم منه ثمن الذهب نقودا، لكن يثبت القرض ذهبا كما قدمنا.

ومثاله أن يقترض منه 100 جرام ذهبا، ويوكله في بيعها بالنقود، فإذا تم البيع أخذ المقترض النقود، ويثبت في ذمته الذهب.

ولا يضر كون المقترض في بلد آخر وأنه لن يقبض الذهب قبل بيعه، فإنه لا يشترض قبض القرض قبل بيعه.

قال ابن رشد رحمه الله: " وأما ما كان خالصا للرفق، أعني: القرض، فلا خلاف أيضا أن القبض ليس شرطا في بيعه، أعني: أنه يجوز للرجل أن يبيع القرض قبل أن يقبضه" انتهى من "بداية المجتهد" (3/ 165).

ثالثا:

لا حرج في مسامحة المقترض بإنظاره أو التصدق عليه بالدين أو ببعضه.

قال تعالى:  وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ  البقرة/280

وروى مسلم (3006) عن أبي اليَسَر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ .

وروى أحمد (2346) عن بريدة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:  من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة  ، قال: ثم سمعته يقول:  من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة ، قلت: سمعتك يا رسول الله تقول: من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة ، ثم سمعتك تقول: من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة ، قال له: بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدين، فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة  وإسناده صحيح على شرط مسلم كما قال محققو المسند.

ولا يشترط في القرض تحديد أجل معين لسداده، وينظر: "الموسوعة الفقهية" (33/ 128).

وكل هذا لا يغير ما ذكرنا من جواز توكيل المقرض في بيع القرض، وتحريم الاتفاق المسبق على رد الذهب فضة أو نقودا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب