الحمد لله.
أولا:
الأصل أن السيارة ملك للشركة التي باعتها لك، وأنها خالية من أي تعلقات أو التزامات .
وهكذا الأصل في جميع ما بأيدي الناس أنه ملك لهم، ولا يزول هذا الأصل بمجرد الشك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فجميع الأموال التي بأيدي المسلمين واليهود والنّصارى ، التي لا يُعلم بدلالة ولا أمارة أنّها مغصوبة ، أو مقبوضة قبضا لا يجوز معه معاملة القابض = فإنّه يجوز معاملتهم فيها بلا ريب ، ولا تنازع في ذلك بين الأئمّة أعلمه" انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 29 / 327 ) .
وأما كون السيارة قد دفع فيها غيرك عربونا، فهذا لا يضر، والظاهر أن صاحبه لم يتم الصفقة، وفسخ العقد، وهذا يقع كثيرا.
واحتمال أن الفسخ تم بغير حق، لا يلتفت إليه لأنه خلاف الأصل، ولست مكلفا بالبحث في ذلك.
وقد يكون البائع كاذبا في أصل قصة العربون هذه ؛ فإن كثيرا منهم يكذب مثل هذه الأكاذيب ليصور للمشتري أن سلعته مرغوب فيها، وأنه إذا لم يبادر بشرائها اليوم، فسوف تضيع عليه!!
ثانيا:
إن ثبت أن الشركة كانت قد تعاقدت مع مشتر على سابق على هذه السيارة ، ودفع عربونا لهذا العقد ، وتبين أنها باعتك بعد ذلك ، قبل فسخ العقد مع صاحب العربون: لم يصح البيع.
وذلك أن بيع العربون لازم في حق البائع، والخيار فيه للمشتري وحده، فليس للبائع أن يبيع السلعة حتى يرفض المشتري إتمام الصفقة، وإلا باع ما لا يملك.
قال الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير رحمه الله: " يتبين من تعريف بيع العربون، أنه بيع يثبت فيه الخيار للمشتري، فإذا أمضى البيع، كان العربون جزءًا من الثمن، وإذا رد البيع فقد العربون، فهو خيار شرط، يقابله مال في حال الرد .
وهذا الخيار للمشتري وحده، أما البائع فإن البيع لازم بالنسبة له، لا يستطيع رده" انتهى من مجلة مجمع الفقه الإسلامي (8/ 440) ترقيم الشاملة.
والمراد ببيع العربون: بيع السلعة ، مع دفع المشتري مبلغاً من المال إلى البائع ، على أنه : إن أخذ السلعة ، احتسب المبلغ من الثمن، وإن تركها ، فالمبلغ للبائع.
قال في "غاية المنتهى" (3/ 79): " وهو [ أي بيع العربون ] دفع بعض ثمن ، أو أجرةٍ ، بعد عقد، لا قبله. ويقول: إن أخذتُه ، أو: جئتُ بالباقي، وإلا ؛ فهو لك " انتهى.
وليس المراد ما هو شائع عند الناس اليوم من إبداء الرغبة، ودفع مال لاحتجاز السلعة، دون عقد، فهذا ليس العربون المراد فيما تقدم، وإنما هذا مجرد وعد، وينبغي على البائع أن يفي به، لكن إن لم يف ، وباع السلعة : فبيعه صحيح ؛ لأنه باع ما يملك.
والحاصل :
أن الأصل صحة شرائك للسيارة، ما لم يثبت بيقين أن الشركة باعت ما لا تملك، أو باعت قبل فسخ المشتري الأول للعقد، إن قدر أنه كان هناك عقد بينهما .
وأما أنت فغير مكلف بالبحث والتفتيش في ذلك.
والله أعلم.
تعليق