السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

هل لأحد الورثة أن يجبر وارثا على البيع له بمثل ما باع له وارث آخر ؟

269408

تاريخ النشر : 16-12-2017

المشاهدات : 27506

السؤال

هل يجوز لأحد الورثة أن يجبر باقي الورثة علي البيع بالسعر الذي اشتري به من أحد الورثة ؛ بحجة أنه لا يشتري بسعرين ، حتى لو قدرها مشتر آخر بسعر غير الذي اشترى به ، ويدعي أن ذلك سيوجد مشاكل بين الورثة وبعضهما ، وأنه لن يعرضها للبيع ، وأن هذا رأي الشرع علي حد قوله ، وأنا أرضى برأي الشرع في ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا قسمت التركة، وأخذ كل وارث نصيبه، كان أحق به، إن شاء أبقاه، وإن شاء باعه .

فإن باعه، لم يلزمه أن يبيعه بالسعر الذي باع به الوارث قبله، بل يبيعه بالسعر الذي يرتضيه، حتى لو تم البيع في زمن متقارب، بل في نفس المجلس.

وذلك أنه لا يُجبر أحد على البيع بسعر معين؛ ، لقوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29

وقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).

ثانيا:

لا يجبر الوارث على البيع لوارث آخر، إلا عند ثبوت حق الشفعة، والشفعة ثابتة للشريك في الأراضي والدور المشاعة، فمن باع حصته المشاعة، فلشريكه حق الشفعة، فيأخذها منه بالثمن الذي باعها به.

قال في كشاف القناع (4/ 134) في تعريف الشفعة: " (وهي استحقاق الشريك) في ملك الرقبة (انتزاعَ حصة شريكه) ، إذا انتقلت إلى غيره من يدِ مَن انتقلت حصة الشريك (إليه ، إن كان) المنتقَل إليه (مثله) ، أي: الشفيع ، في الإسلام أو الكفر ، (أو دونه) ؛ بأن كان الشفيع مسلما والمشتري كافرا ؛ فإن كان بالعكس فلا شفعة ...

(بثمنه) أي: نصيب الشريك ، (الذي استقر عليه العقد)" انتهى.

فلو كانت مسألتك من هذا القبيل، وتقدم أحد الورثة لأخذ الحصة بالشفعة ، فإنه يأخذها بالثمن الذي بذله المشتري الخارجي، ولا عبرة أيضا بكون أحد الورثة قد باع له قبل ذلك بسعر آخر.

وأما ما قسم من الأرض أو الدار، فلا شفعة فيه عند الجمهور.

ثالثا:

في حال كون العقار مشاعا، فإنه ليس لأحد الشركاء أن يعرض حصته للبيع حتى يخبر شركاءه، لما روى مسلم (1608) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي رَبْعَةٍ، أَوْ نَخْلٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ رَضِيَ أَخَذَ، وَإِنْ كَرِهَ تَرَكَ).

وفي رواية له: قَالَ: (قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ، رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَإِذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ).

فإن لم يرغبوا في الشراء منه، باعها لغيرهم، وإن رغبوا ، أو رغب أحدهم ، في الشراء : باعها له بالثمن الذي يرتضيه .

ولا يجبر صاحب النصيب على البيع كما باع غيره، ولا أصل لهذا القول ، ولا وجه لقول القائل: إنه لا يشتري بسعرين!

رابعا:

إذا كانت التركة أرضا أو دارا لم تقسم، وتراضى الورثة على بيعها، فإنها تقوم بسعر السوق، وقد يكون بعضها أعلى ثمنا من بعض، لكونها على الطريق ونحو ذلك.

فإذا باعوها، قسموا ثمنها على الورثة بحسب أنصبائهم.

وأما بعد القسمة، فمن ملك شيئا باعه بالثمن الذي يرتضيه، ولا يجبر على البيع بمثل ما باع جاره أو شريكه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب