الحمد لله.
الأصل جواز مشاركة المرأة في الفيس بوك، ودخولها إلى صفحات الرجال والنساء، إذا خلا ذلك من محذور شرعي، كالفتنة بصور الرجال، وإقامة العلاقات المحرمة معهم، ونحو ذلك.
ولا ينبغي الانشغال الزائد بمواقع التواصل، والدخول على صفحات الآخرين، وتضييع الوقت في ذلك؛ فإن الفراغ نعمة ينبغي استغلالها فيما ينفع كحفظ كتاب الله تعالى، وتحصيل العلم النافع، وأداء الطاعات التي تقرب إلى الله من تلاوة، وذكر، وقيام ليل.
قال صلى الله عليه وسلم : ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ : الصِّحَّةُ ، وَالْفَرَاغُ ) رواه البخاري (6412).
وروى الترمذي (2417) عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟ ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
فما ذكرته من دخول هذه الفتاة إلى مواقع الرجال، ومتابعة شئونهم، وتضييع الوقت في ذلك، يدل على الفراغ، وضعف الهمة في تحصيل الخيرات .
ثم هو باب إلى الفتنة، فربما قادها ذلك إلى مراسلة الرجال ، أو التعلق الفاسد بهم ؛ وما يتبع ذلك من مفاسد ومحاذير.
والشيطان يجر الناس إلى شباكه خطوة خطوة ، فالآن مجرد صداقته من وراء الشاشات ، وغدًا اهتمام ومتابعة ، وبعد غد مراسلات .. وبعد ذلك ..
ولذلك جاء الشرع بغلق أبواب الشر والفساد والفتنة ، وسد الطرق المؤدية إليها .
وهو ما يسميه العلماء بـ "سد الذرائع" أي سد الطرق المؤدية إلى المفاسد ، حتى ولو كانت مباحة، غير أن ذلك المباح سيجر إلى حرام ، فيمنع ذلك المباح من أصله .
وقد بينا ضوابط تعامل المرأة مع الرجال على الفيس بوك، في جواب السؤال رقم (260974).
فالنصيحة لهذه الفتاة ، وغيرها : أن يضن الإنسان بوقته، وأن يحرص على شغله بما ينفعه في دينه ودنياه، وأن يحذر الفراغ والبطالة وخطوات الشيطان، وأن يعلم أن هذه الدار دار امتحان، وفيها يتنافس المتنافسون، فالسعيد من عمر أوقاته بالطاعات، واجتهد في ترك فضول المباحات، فضلا عن المحرمات، ليسعد وينال المقامات العالية .
والمغبون من انشغل بغيره، وأضاع زمانه، وقصر في الطاعة، وركن إلى البطالة، وتأخر في السباق، وضعف عن المنافسة.
قال ابن القيم رحمه الله: "وقال لي يوما شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - في شيء من المباح: هذا ينافي المراتب العالية، وإن لم يكن تركه شرطا في النجاة. أو نحو هذا من الكلام.
فالعارف يترك كثيرا من المباح إبقاء على صيانته. ولا سيما إذا كان ذلك المباح برزخا بين الحلال والحرام، فإن بينهما برزخا - كما تقدم - فتركه لصاحب هذه الدرجة كالمتعين الذي لابد منه لمنافاته لدرجته" انتهى من مدارج السالكين (2/ 28).
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والرشاد.
والله أعلم.
تعليق