الحمد لله.
أولا:
يشترط لصحة البيع العلم بالمبيع، وذلك إما بالرؤية، أو بالوصف المزيل للجهالة.
وفي "الموسوعة الفقهية" (9/ 100): " من شروط صحة البيع أن يكون المبيع والثمن معلومين علما يمنع من المنازعة، فإن كان أحدهما مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة فسد البيع" انتهى.
وفيها (9/ 16): " لا بد لمعرفة المبيع من أن يكون معلوما بالنسبة للمشتري بالجنس والنوع والمقدار، فالجنس كالقمح مثلا، والنوع كأن يكون من إنتاج بلد معروف، والمقدار بالكيل أو الوزن أو نحوهما...
إذا كان المبيع غائبا عن المجلس ، ولم تتم معرفة المبيع برؤيته أو الإشارة إليه على ما سبق، فإنها تتم بالوصف الذي يميزه عن غيره، مع بيان مقداره.
وإذا كان عقارا كان لا بد من بيان حدوده، لاختلاف قيمة العقار باختلاف جهته وموقعه.
وإذا كان من المكيلات أو الموزونات أو المذروعات أو المعدودات : فإنه تحصل معرفتها بالمقدار الذي تباع به" انتهى.
فالمبيع إذا كان غائبا صح بيعه بالصفة، فمن اشتراه ولم يجده على ما وصف له، فله الخيار في فسخ العقد أو إمضائه و .
فإن اختلفا في التغير، أي قال البائع: لم أصفه بكذا، وقال المشتري: قد وصفته بكذا، فالقول قول المشتري ، مع يمينه.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ويصح البيع بالصفة ، في صحيح المذهب ؛ إذا ذكر أوصاف السلم، لأنه لما عدمت المشاهدة للمبيع : وجب استقصاء صفاته ، كالسلم .
وإذا وُجِد على الصفة : لزم العقد .
وإن وجده على خلافها : فله الفسخ .
فإن اختلفا في التغيُّر : فالقول قول المشتري .. " انتهى من الكافي (2/ 9).
وعليه:
فما وصفه لك صاحبك ، صفة بيِّنة ، تصلح للسلم : صح بيعه . ثم إن وجدته على خلاف الصفة : فلك الخيار.
ثانيا:
ما باعه لك ولم يصفه، أو وصفه بصفة لا تزيل الجهالة : فإنه لا يصح بيعه عند جمهور الفقهاء.
وذهب بعض أهل العلم إلى صحة بيع الغائب من غير صفة، ويكون مشتريه بالخيار إذا رآه، وهو مذهب الحنفية ورواية عن أحمد، ورجحه الشيخ ابن عثيمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"مسألة : بيع الأعيان الغائبة . وعن أحمد فيه ثلاث روايات إحداهن: لا يصح بيعه بحال ، كقول الشافعي في الجديد.
والثانية: يصح ، وإن لم يوصف ، وللمشتري الخيار إذا رآه ، كقول أبي حنيفة، وقد روي عن أحمد: لا خيار له.
والثالثة - وهي المشهورة - أنه يصح بالصفة ، ولا يصح بدون الصفة ، كالمطلق الذي في الذمة. وهو قول مالك" . انتهى من مجموع الفتاوى (29/ 25).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (8/ 152): "قوله: أو وصف له بما لا يكفي سلما : لم يصح ، لعدم العلم بالمبيع .
ويأتينا ـ إن شاء الله ـ السلم وما الذي يمكن انضباطه ، والذي لا يمكن، فإذا وصف بما لا يكفي سلما فإنه لا يصح البيع.
وقيل: إنه يصح أن يبيعُ ما لم يره ولم يوصف له، ولمشتر الخيار إذا رآه .
فيقول مثلا: بعت عليك سيارتي، فقال له: ما هذه السيارة ؟ قال: إن شاء الله ستراها وتعرفها، قال له: بكم؟ قال: بخمسة آلاف، قال: اشتريت.
فعلى المذهب لا يصح؛ لأنه لم يرها ولم توصف له.
ومذهب أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ أنه يصح البيع ، ويكون للمشتري الخيار إذا رآه . وهذا هو الصحيح، وهو شبيه ببيع الفضولي؛ لأنه إذا كان له الخيار إذا رآه ، فليس عليه نقص.
فإذا قيل: كيف الطريق إلى تصحيح البيع على القول الأول؟
الجواب: أنه إذا رآه عقد عليه من جديد" انتهى.
والحاصل :
أنه ليس من حق البائع أن يلزمك بشراء ما لم يوصف لك وصفا بينًا ، لأن هذا البيع غير صحيح عند جمهور العلماء ، وأما عند الحنفية فهو صحيح ، ولكن يثبت لك الخيار ، فلك فسخ العقد إذا رأيت العفش ولم يعجبك .
ثالثا:
ما باعه صاحبك مما كان يظنه ملكا له، ثم تبين أنه ملك لزوجته، لا يصح؛ لعدم الملك والإذن في البيع.
أما الأشياء التي أرسل لك صورتها وهي ملكه فبيعها صحيح ؛ إن أمكن أن تتفقا على ثمن هذا العفش الذي لم يصح بيعه ، وتخصمانه من كامل الثمن المتفق عليه .
لكن .. إذا كان عليك ضرر في تصحيح البيع في أشياء ورده في أشياء أخرى ، وهو ما يسميه العلماء بـ(تفريق الصفقة) وكان لك غرض صحيح في أن تشتري العفش كله معًا ، أو لم يمكنكما الاتفاق على ثمن المبيع ، بعد خصم ما لم يصح بيعه : فلك فسخ العقد في الجميع .
وانظر : الشرح الممتع (8/180-181) .
والله أعلم.
تعليق