الحمد لله.
يشترط لصحة النكاح أن يعقده ولي المرأة، أو وكيله، في حضور شاهدين مسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه أبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 7557
وولي المرأة هو: أبوها، ثم أبوه، ثم ابنها ثم ابنه (هذا إن كان لها ابن)، ثم أخوها لأبيها وأمها، ثم أخوها لأبيها فقط، ثم أبناؤهما، ثم العمومة، ثم أبناؤهم، ثم عمومة الأب، ثم السلطان. وينظر: "المغني" (9/ 355).
وعليه :
فإذا كان والد المرأة وجدها متوفيين، وليس لها ابن بالغ، فإن الولاية لإخوتها الأشقاء.
ثانيا:
إذا تساوى الأولياء في الدرجة، كالإخوة الأشقاء، فقد اختلف الفقهاء فيمن يقدم منهم للولاية، فمنهم من قال: الأولى تقديم الأفضل علما ودينا، فإن استووا في الفضل قدم الأكبر، فإن تشاحوا وتنازعوا يقرع بينهم، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة.
ومنهم من قال: يقدم الأفضل، فإن تنازعوا نظر القاضي فيمن يقدم، فإن لم يكن قاض: اقترعوا.
وعلى أي من القولين ؛ لو عيّنت أحدهم : تعيّنت الولاية له .
ولو بادر أحدهم فزوجها ، برضاها : صح زواجها ، ولو كان هذا أصغر إخوانه ، ما دام بالغا، سواء علم بذلك بقية إخوانها ، أو لم يعلموا.
قال الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج (4/ 265): " ( وإذا اجتمع أولياء ) من النسب ( في درجة ) ورتبة ، كإخوة أشقاء ، أو لأب ، أو أعمام كذلك ، وأذنت لكل منهم بانفراده , أو قالت : أذنت في فلان ، فمن شاء منكم فليزوجني منه = ( استُحب أن يزوجها أفقههم ) بباب النكاح لأنه أعلم بشرائطه، وبعده : أورعهم كما في الروضة ، لأنه أشفق وأحرص على طلب الحظ ، ( و ) بعده : ( أسنّهم ) لزيادة تجربته ، ( برضاهم ) أي رضا الباقين ؛ ... لتجتمع الآراء ، ولا يتشوش بعضهم باستئثار بعض .
فإن زوجها المفضول ، برضاها ، بكفء : صح ، ولا اعتراض للباقين " انتهى.
وقال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع (5/ 58) : " (وإذا استوى وليان فأكثر ) لامرأة ( في الدرجة ) ، كإخوة لها كلهم لأبوين ، أو لأب ، أو أعمام كذلك ، أو بني إخوة كذلك .
( فإن أذنت لواحد منهم ) بعينه ( تعين ، ولم يصح نكاح غيره ) ممن لم تأذن ، لعدم الإذن .
( وإن أذنت لهم ) أي لكل واحد منهم أن يزوجها ( : صح التزويج من كل واحد منهم ) ؛ لأن سبب الولاية موجود في كل واحد منهم .
( والأولى تقديم أفضلهم ) أي المستوين ( علما ودينا ، ثم ) إن استووا في العلم والدين : قدم ( أسنهم ) " انتهى.
وفي حاشية الدسوقي المالكي (2/ 233): "وأما لو عينت واحدا من الإخوة مثلا : فلا كلام لغيره من بقية الإخوة ولا يسوغ له منازعته" انتهى.
وبهذا يتبين أن النكاح صحيح .
والله أعلم.
تعليق