الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل يلزم وضع حد للمسجد يفصله عن أماكن البيع والشراء التي تتم على بقية الأرض ؟

السؤال

لنا بناء واسع جدا ليس هناك طابق فوقه ولا تحته، ونريد أن نعين مكان منه للمسجد يقام فيها الصلوات وصلاة الجمعة، ثم نريد أن نعين جزءا آخر لمحلات بيع، ونؤجر الأماكن للتجار المسلمين؛ ليكون مصلحة المال الآتية من الإجارة للمسجد والدعوة والبرامج إسلامية. أنا أعلم من البحث أنه يجوز البيع خارج سور المسجد، فهل يجب علينا أن نبني حول مكان المسجد جدارا؛ لأنه سيكون في نفس المبنى التي يكون فيها بيع وشراء؟ وهل من اللازم أن يكون المبنى كله مسجدا؟ أم إنه يباح أن نعين جزءا من المبنى مسجدا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا حرج في جعل جزء من المبنى محلات وغيرها، أو جعل الجميع مسجدا، بحسب ما ترون من المصلحة، وحاجة المصلين.

وإذا كانت المساحة كبيرة، تزيد عن حاجة الناس الفعلية: فلعل من الخير أن يجعل جزء منها محلات، يصرف من عائدها على المسجد والأنشطة العلمية والدعوية، ولو جعلت هذه المحلات وقفا على ذلك، لكان خيرا عظيما.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (12/ 295) : " أجاز الشافعية والمالكية والحنابلة جعل علو الدار مسجدا دون سفله، والعكس؛ لأنهما عينان يجوز وقفهما , فجاز وقف أحدهما دون الآخر " انتهى .

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/ 220) المجموعة الثانية : " لا مانع من كون المسجد تحت السكن، إذا كان المسجد والسكن بنيا من الأصل على هذا الوضع ، أو أحدث المسجد تحت السكن ، أما إذا كانت إقامة السكن فوق المسجد طارئة؛ فإن هذا لا يجوز ؛ لأن سقفه وما علاه تابع له " انتهى.

ثانيا:

لا يجوز البيع في المسجد، ولا يصح؛ لما روى أحمد (6676)، وأبو داود (1079)، والنسائي (714) عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ".

والحديث حسنه الألباني في "صحيح أبي داود"، وشعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.

وروى الترمذي (1321) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُولُوا لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ ضَالَّةً، فَقُولُوا لَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ .

والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي".

قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (2/ 366):

" (ويحرم فيه) أي المسجد (البيع والشراء والإجارة)، لأنها نوع من البيع ، (للمعتكف وغيره) . وظاهره : قل المبيع، أو كثر، احتاج إليه، أولا؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والابتياع، وعن تناشد الأشعار في المساجد. رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه.

ورأى عمران القصير رجلا يبيع في المساجد، فقال: يا هذا؛ إن هذا سوق الآخرة، فإن أردت البيع فاخرج إلى سوق الدنيا .

(فإن فعل) ، أي باع أو اشترى في المسجد : (فباطل) . قال أحمد: وإنما هذه بيوت الله ، لا يباع فيها ولا يشترى.

وجوز أبو حنيفة البيع، وأجازه مالك والشافعي مع الكراهة " انتهى.

فيلزم وضع حد للمسجد، حتى لا يبيع أحد بداخله، ولتجتنبه الحائض والجنب، وحتى لا يجلس أحد فيه دون تحية، ولتُعلم حرمته ومكانته ويمنع العبث فيه، وغير ذلك من الأحكام.

وسواء كان الحد جدرا طويلا أو قصيرا، أو كان الحد بالفرُش ونحوها مما يميز المسجد عن بقية البقعة التي ليست مسجدا.

وإذا كان البيع والشراء قريبا منه، فاتخاذ جدار كامل أفضل، منعا للتشويش على المصلين وقارئي القرآن .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب